للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الملوك، وكان هذا الكتاب جزءًا من كتاب أكبر اسمه "آئين نامه" أي كتاب العادات. وذكر علاوة على ذلك أيضًا أنه رأى في إصطخر سنة ٣٠٢ هـ (٩١٥ م) كتابًا يتناول مختلف علوم الإيرانيين: تواريخهم وآثارهم وغير ذلك، كما يتناول معلومات أخرى لم تكن توجد في "خداى نامه" أو "آئين نامه" أو "كاه نامه". وقد اكتشف هذا الكتاب بين نفائس ملوك الفرس، وترجم من الفارسية إلى العربية لهشام ابن عبد الله بن مروان (١٠٥ - ١٢٥ هـ = ٧٢٤ - ٧٤٣ م). وليس من المستبعد أن تكون كتب من هذا القبيل جزءًا من مراجع المعرفة العربية في الجغرافيا ورسم الخرائط عند الإيرانيين، وفي حدود الإمبراطورية الساسانية وأقسامها الإدارية وما إلى ذلك من تفصيلات.

وكانت فكوة الكشورات (هفت إقليم) السبع هي أهم فكرة اتبعها العرب من الأفكار والمأثورات الجغرافية الإيرانية المختلفة. وينقسم العالم في هذا المنهج إلى سبع دوائر هندسية متساوية، كل دائرة تمثل كشورا بحيث ترسم الدائرة الرابعة في المركز وتحيط بها الدوائر الست الباقية، وهي تشمل إيرانشهر وقاعدتها السواد. واستمر العرب يتأثرون بهذا المنهج أمدًا طويلا، ولم يرق لهم تقسيم اليونان العالم إلى ثلاث قارات أو أربع، بالرغم مما ارتآه البيرونى من أن هذا المنهج ليس له سند علمي أو طبيعى، وأن التقسيم اليونانى إلى أقاليم كان أقرب إلى العلم. أما فكرة وجود بحرين كبيرين هما بحر الروم وبحر فارس (البحر المتوسط والمحيط الهندى)، يلجان اليابسة من البحر المحيط أحدهما من الشمال الغربي أي من المحيط الأطلسي، والآخر من الشرق أي المحيط الهادي، ولكن كان يفصلهما "البرزخ" (أي خليج السويس)، ففكرة سيطرت على علم الجغرافيا ورسم الخرائط عند العرب عدة قرون. والأمر كما بين كرامرز، ذلك أنه بالرغم من أن الفكرة تنتهي على الأرجح إلى بطلميوس، فإن إطلاق بحر فارس على المحيط الهندى في أكثر الأحيان يثبت فيما يظهر أن هذا البحر كان على الأقل جزءًا من التخطيط الجغرافي الإجمالى الأصلي عند الفرس. أما موقفنا بالنسبة لهذا التخطيط نفسه فهو موقف غير المتثبت (Analecta Orientalia, جـ ١، ص ١٥٣).