للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد سبق أن بينا أن التطور الذي ألممنا به هنا قد أثرت فيه عوامل فنية وعوامل اجتماعية، وما بنا من حاجة في هذا المقام إلى أن نسوق بيانا كاملا بالأسلحة والفن الحربى (وهذا عسير على أى حال لافتقارنا إلى دراسات سابقة لهذه الموضوعات) وحسبنا أن نقول إن السمة الرئيسية لتطور الحرب هو الشأن المتزايد لسلاح الفرسان الثقيل. وكان هذا أيضًا هو الحال في أوربا، على أن اعتماد المشارقة في فن الحركات الحربية على الحركة جعلهم لا يبلغون المدى الذي بلغه الأوربيون في الاعتماد في العتاد على ثقل وطأة المعدات. ولم يتغير التسليح في طبيعته إلا تغيرًا قليلا منذ أيام الفتوح العربية حتى ظهور الأسلحة النارية، ولكنه كان من الممكن أن يتغير في ضخامة السلاح وفوق ذلك كله في المقاييس النسبية للأسلحة المختلفة، والتقدم الفنى، ويأتى في المقام الثاني بعض الأثر الذي يحدثه ذلك في فن القتال ومقدرات الحرب ولعل القتال مع الصليبيين قبل مجئ المغول كان له شأن محلى يحفز الهمم في هذا الشأن.

وكانت الأسلحة الرئيسة عند العرب القدماء هي: "السيف" و"الرمح" و "الحربة" يستخدمها المشاة. ولم يكن القوس معروفا، وإنما كان يستخدمه الفرسان قليلًا ذلك أنه كان يفاد منه سلاحًا في الصيد أكثر منه في الحرب، ذلك أنه لم يكن يصلح في المبارزات الفردية على النهج التقليدى وهنا يقوم الفرق بين العرب وبين الفرس والأتراك. ذلك أن جذب القوس على اختلاف أشكاله وأحجامه، كان عادة قائمة بين الفرس جميعًا، وقد برع الأتراك في الرمى السريع بحشد من السهام (ناوق) من كل اتجاه، فتنشر الاضطراب بين صفوف أعدائهم. ثم إن النبل (جرخ) الذي يرد كثيرًا مع القوس المألوف كان فيما يظهر معروفا في المشرق منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) وكان الفرسان العباسيون ومن أتوا بعدهم يستعملون هذا القوس وإن كانوا قد ظلوا يستعملون الرمح والحربة، اللذين