للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٩) H. Peres: La Poesie andalouse en Arabe classique qu XI siecle, Paris ١٩٣٧, ١٩٥٣

من القرن السادس للقرن الثانى عشر للهجرة:

شهدت بداية القرن السادس للهجرة (الثانى عشر للميلاد) انتصار قوتين سيهيمنان من الآن فصاعدا على الحياة الفكرية للبلاد العربية، ونعنى بهما الأصولية Scholasticiam والصوفية. وقد ارتبط هذان الاتجاهان بحركة الإحياء السنى التى قادها السلاجقة والتى بدأت فى خراسان فى منتصف القرن الخامس وانتشرت فى العراق فى ظل سلاطين آل سلجوق ومنها إلى سوريا ومصر فى ظل آل زنكى وآل أيوب (الأيوبيين)، وفى الغرب الإسلامى ظهرت حركة مشابهة قادها البربرى محمد بن تومرت (المتوفى ٥٢٤ هـ/ ١١٣٠ م) وتطورت الحركتان بشكل متواز فى شطرى العالم العربى (الشرقى والغربى) وساعد على ذلك عمق الصلات والاتصالات بين المشرق والمغرب. وكان العامل الرئيسى فى انتشار الأصولية هو التركيز التدريجى على التعليم النظامى فى المدارس، والمدرسة نوع جديد من المؤسسات التعليمية أدخله الوزير السلجوقى نظام الملك (المتوفى ٤٨٥ هـ/ ١٠٩٢ م) فى بغداد لتخريج العلماء والإداريين، وسرعان ما انتشر نظام المدارس هذا ليغمر العالم الإسلامى كله. وقد أدى حصر التعليم فى شكل محدد إلى حصر الموضوعات (المجالات) التى تُدرَّس أيضا فى أشكال محددة (قوالب محدَّدة) وأدى هذا إلى الاستعاضة بالكتب المقررة (كتب المختصرات Text books) والأعمال الموسوعية المجمعة لتحل محل الأعمال الأصلية.

وكان هذا الاتجاه ملحوظا عند الجيل الرائد الأول من معلّمى المدرسة النظامية: التبريزى اللغوى (المتوفى ٥٠٢ هـ/ ١١٠٩ م) تلميذ أبى العلاء المعرى الذى جرى الاستشهاد بأشعاره فى الكتب المدرسية وفى التفسيرات والتعليقات، وخلف التبريزى فى الاتجاه نفسه الجواليقى (المتوفى ٥٣٩ هـ/ ١١٤٥ م) والفقيه الشافعى الجوينى