للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصول إلى ترتيب زمنى دقيق للأحداث فى حياة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وحتى فيما يتعلق بالفترة المدنية التى يتوفر لدينا كثير من الأخبار عنها.

وقرب نهاية العام السادس الهجرى رأى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أن مركزه فى المدينة أصبح من الثبات بحيث يمكنه الإقدام على خطوة أكبر. لقد كان هو وأتباعه لا يزالون ممنوعين من زيارة مكة والأماكن المقدسة بها. غير أنه علم عن طريق عيونه فى مكة -وربما كان عمه العباس من بينهم- أن المشاعر فى مكة بدأت تتحول تدريجيا فى جانبه {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} سورة الممتحنة آية ٧.

وفى شهر ذى القعدة من العام السادس (مارس ٦٢٨ م) أمر أتباعه بأن يهيئوا الذبائح للقيام بعمرة معه فى مكة ذاكرًا أن اللَّه قد وعده فى رؤيا له بنجاح هذا الحلم القديم {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} سورة الفتح آية ٢٧. وكان الكثيرون فى مكة يميلون إلى تمكينه من بُغيته غير أن الحزب المتشدد كان لا يزال قويا وأرسل جماعة مسلحة للقائد ومنعه من دخول مكة. لذلك عسكر عند الحديبية حيث شرع فى التفاوض مع بعض كبار أهل مكة. وحين فشلت هذه المفاوضات أرسل عثمان، الذى ضمنت له صلاته العائلية الحماية ممثلا له إلى مكة. فلما غاب عثمان عدة أيام شاع الخبر بين المسلمين أنه قتل، فتوتر الوضع، وقطع محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] المفاوضات. وجمع أتباعه تحت شجرة وطلب منهم أن يبايعوه على القتال فى سبيل اللَّه إلى النهاية، وهو ما فعله كافتهم تقريبًا {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} سورة الفتح آية ١٠؛ {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} سورة الفتح آية ١٨.