للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناظرون في الكتاب الكريم من الاتصال به، إذا ما حاولوا تفهم آيه؛ فلا يقفون عند شيء لا أساس له.

وأما هذه الإسرائيليات، كما سموها، فعلى الأشياخ أمامها واجب آخر في تاريخ الأديان وتحقيق صلاتها" وهو واجب لا ينبغي أن يقوم به أحد قبلهم، ذلك هو جمع هذه القصص، ودرسها مردودة إلى أصولها، مبينة مصادرها ليدل ذلك على مسالك التأثر والتأثير بين الأديان، ومداخل اتصالها.

ونعود إلى ما نحن بصدده هنا أولًا؛ وهو التفسير النقلى، الَّذي كان أول أصناف التفسير نشأة فقد جعلت تتناقله الطبقات شفاها، ثم تدوينا تدريجيًا، حتَّى أفردت له المؤلفات الخاصة؛ واستمر ذلك، إلى أن تغيرت موجهات الحياة، وظهر تفسير جانب العقل فيه آثر من جانب النقل، عنى المؤلفون به، بيان بقى في كتبهم أثر من الروايات المنقولة، يرجعون إليه بين الفينة والفنية، حتَّى فترت العناية عن إفراد التفسير المأثور بالتأليف المستقل.

ونكتفى بأن نشير هنا إلى ثلاثة من كتب تفسير الرواية، أحدها شرقي، والثاني غربي، والثالث مصرى. فأما الشرقي، فهو كتاب "جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري المحدث المؤرخ الفقيه - في ثلاثين مجلدًا، وهو مطبوع .. ويقول كارا دى فو، في مادة تفسير بالدائرة؛ "ويشمل تفسيره [ابن جرير] المطول كثيرًا من الأحاديث المسندة الصحيحة ...

وأكبر الظن أن هذا الحكم لا يقوم على فحص خاص، فابن جرير رحمه الله، لم يسلم من الرواية عن أولئك الَّذي قدمنا آراء نقاد الرجال فيهم؛ وقد لوحظ عليه مثلًا، أنَّه يورد الكثير من طريق السدى وهو ما لم يورد منه ابن أبي حاتم شيئًا، حين التزم أن يخرج منه أصح ما ورد (١) ولعل تفسير ابن جرير محتاج إلى النقد الفاحص، احتياج غيره من تلك المرويات التفسيرية، على ما قدمنا.

وشخصية ابن جرير الأدبية والعلمية تجعل كتابه مرجعًا غير قليل الأهمية، في المصنف الثاني من التفسير،


(١) الإتقان ٢: ٢٢٤.