للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أثرت دولة الأغالبة تأثيرًا عميقا في تونس. وكان الأمراء يتبعون الخلافة بالاسم، ولكنهم كانوا في الواقع مستقلين عنها يتوارثون الحكم فيما بينهم، فجنحوا إلى السلم والنظام والتوسع. بيد أن التميمية لم تهدأ ثائرتهم، وكان مركزهم تونس. وكان إبراهيم نفسه تميميًا، ولكنه اختلف مع هؤلاء الجند من مُضر وقد برموا بأولى الأمر سواء أقربت ديارهم أم بعدت عن العباسيين الذين قربوا اليمانية أعداءهم القدماء. فاضطر إبراهيم إلى التعويل على جند بينهم كثير من الأعاجم الوافدين من خراسان؛ وكان جل اعتماده في أمر سلامة شخصه على حرس حديث النشأة من الزنج وعلى حصون القصر القديم أو العباسية التي أقامها عام ٨٠١ م على بعد فرسخ من القيروان. والراجح أنه لقى فيها سفراء شارلمان. وفي سنة ٨٠٢ اضطر إلى معالجة فتنة في بلاد تونس. وفتنة نشبت عام ٨٠٥ في طرابلس، وتمرد، سنة. ٨١٠ - ٨٠٥ قام به قائده عمران بن مخلّد الذي تجرأ فحاصر القيروان، وفي عهده بدأت تنتشر على الحدود عند الساحل الشرقي الحصون التي عرفت بالمحارس. ولما توفى عام ٨١٢ م، عادت الفتنة إلى طرابلس.

واشتهر ابنه زيادة الله (٨١٧ - ٨٣٨ م) بنشاطه وقسوة قلبه، وسرعة بادرته، فوجد له منافسًا قويًّا هو منصور الطنبذى الذي أوشك أن يقضى عليه. وخرجت البلاد الشمالية كلها- بما فيها تونس- عن طاعته أعواما، بيد أن نفحة من نفحات عبقريته هدته إلى مافى الجند المشاغبين من طمع وحمية، فاستنفرهم إلى جهاد صقلية فأقلعوا من سوسة عام ٨٢٧ م يهزهم الحماس تحت إمرة القاضي المشهور أسد بن الفرات، واستولوا على بلرم عام ٨٣١ م، ثم على مسينا بعد اثنتى عشرة سنة. ثم فرغ زيادة الله- وكان قد بنى رباط سوسة عام ٨٢١ - إلى أعمال السلم ومنها بناء المسجد الجامع في القيروان. وتأثره خلفه فتوسع في إقامة البنَى. وشيد عام ٨٥٠ م مسجد سوسة الجَامع ومسجد صفاقس؛ ونحن نخص بالذكر