للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأمير أحمد الذي أقام الأسوار حول هاتين المدينتين، وبنى "صهريج الأغالبة" وهو الصهريج الكبير الذي يزود القيروان بالماء.

وفي عام ٨٧٤ م خلف إبراهيم الثاني- وهو آخر الأمراء العظام في هذه الدولة- أخاه محمدًا، وقد كنى بأبى الغرانيق لكلفه باصطيادها. وهُجر القصر القديم إلى قصبة جديدة جعلت فيها دواوين الحكومة: وهي رقادة، ولايزال موضعها معروفاً على مسيرة خمسة أميال جنوبي القيروان، فلما ثارت تونس وفتحت عنوة أكثر تردد الأمير عليها بعد عام ٨٩٤ م ونقل عاصمته إليها لكى يرقب أحوالها بعين ساهرة. وتميزت سياسة الأمير في الخارج بحوادث جسام: فواجهت البلاد أول الأمر من ناحية الجنوب الشرقي غارات العباس ابن أحمد، ابن أول أمراء البيت الطولونى؛ ذلك أنه لم يطع أباه وخرج على رأس حملة من مصر وسار إلى طرابلس عام. ٨٨٠ م يريد فتح إفريقية. ولكن بربر نفوسة وقفوا بينه وبين طرابلس، وجاء إبراهيم في الوقت الملائم فاستولى على خزانة دنانير للطولونيين فساعد ذلك على تحسين الحال المالية للبلاد؛ بيد أن ذلك لم يدم طويلًا؛ لأن الأموال لم تملا الخزائن التي استنزفتها في مطلع هذا القرن الفتن والثورات ثم البذخ والإسراف، وألحت الحاجة على الحكومة فاشتطت في طلب العبيد والخيول من سهل قمودة فاندلعت فتنة عام ٨٩٣ م الجائحة" إلا أن فتح صقلية قد تم بالاستيلاء على سرقوسة عام ٨٧٨ م وتاورمينا عام ٩٠١ م، وشكا أهل تونس- الذين لاتهدأ ثائرتهم- من إبراهيم، فصدع بأمر الخليفة وتنازل لولده عبد الله ومات مجاهدًا عند كوسنزة من أعمال كلابريا في أكتوبر من العام نفسه.

وفي هذه الأثناء كانت الفتنة الدينية التي اجتاحت إفريقية بعد ذلك في مهدها بالمغرب. وفي القرن التاسع كان بربر الجنوب (الهوارة واللواتة والمكناسة) باسرهم من الإباضية، وتمتد منازلهم من أوراس إلى جربة