للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وطرابلس، أما بربر نفوسة فكانوا يقطعون الطريق المذاهب إلى الشرق جنوبي قابس، ودلك قبل أن يُعمل إبراهيم الثاني السيف في رقابهم عام ٨٩٦ م. بيد أن مذهب الخوارج لم يحل دون غلبة المذهب السنى في الجزء الأكبر من البلاد وظهور جماعة من مشاهير رجاله أمثال القاضي عبد الرحمن بن زياد صاحب ابن الأشعث وبهلول الزاهد الذي ذاع صيته واتسع سلطانه في القرن التاسع الميلادي؛ وبلغت المناظرات في مسائل الفقه ذروتها أيام الأغالبة، وفي دلدُ العهد قامت المذاهب المختلفة وجمعت أمهات كتب السنة. وقد ظهر في هذه الأثناء اثنان من تلاميذ ابن القاسم فقيه المالكية المشهور في مصرهما: أسد بن الفرات الذي ولد لأسرة خراسانية وتوفى في صقلية عام ٨٢٨ م، وتلميذه سَحنْون (ابن سعيد التنوخى) الذي ولد في الشام لأب من مرتزقة الجند، وولى عام ٨٥٠ م قضاء القيروان فنصر المذهب المالكي الذي تهددته حنفية عدد من العلماء. ولا تزال مدونة ابن الفرات عُمدة يرجع إليها؛ وظلت المالكية المذهب الغالب في تونس وإن ظهر عليه بعض المذاهب الأخرى أحيانًا. وجدير بنا أن نلاحظ أن أشهر العلماء والمذاهب كان شرقي المنبت، كما وفد من المشرق على قبائل كتامة في إكْجَن (وهي قبيلة صغيرة شرقي بابُرس) الداعى أبو عبد الله ليدخلهم في شيعة عبد الله المهدي، وكان ذلك عام ٨٩٤ م.

وأنفذ الأغالبة عام ٩٠٢ م حملة على كتامة فبلغت غرضها بعد جهد؛ وإزداد خطر الشيعة أيام زيادة الده الذي قتل أباه عبد الله المعتزلى عام ٩٠٣ م. وفي عام ٩٠٥ م أسرع المهدي بالقدوم من الشام إلى شمالي إفريقية وانتظر في سِجِلْماسة اللحظة المواتية للمجاهرة بدعوته، وكان داعيته المخلص يفتك بجيش الأمير. وأخذت الحوادث تجرى سراعا. وحاول زيادة الله عبثا أن يحاكم الشيعة أمام مجمع من الفقهاء في تونس، وطلب المعونة من العباسيين؛ وسقطت باغاية في ربيع عام ٩٠٧ م؛