للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أفادوا بوصفهم أجانب من نظام الامتيازات، ومن حماية القنصل الفرنسى، ومن ثم كانوا بمنجاة من ضروب الاضطهادات التي تعرض لها أبناء دينهم الوطنيون، فأثروا من تجارتهم مع أوربة، ومن استغلال أنظمة الاحتكار التي اختص بها البكوات أنفسهم، وقد كان لأكثرهم نفوذا في القرن الثامن عشر- كسليمان جاكت (المتوفى عام ١٧٢٥) وآل بكرى وبوزناخ خاصة- شأن خطير، بل كان لهم في بعض الأحيان الشأن الأكبر في الشئرن الجزائرية (بعد أن أصبحوا يتولون أمور الداى المالية ويقومون بالوساطة الرسمية بين الولاية وبين الدول الأوربية). وقد ظل نفتالى يوزناخ خمسَا وعشرين سنة (سنة ١٧٨٠ - ١٨٠٥ يستغل نفوذ في تنصيب البكوات والدايات وخلعهم، والتصرف في موارد الدولة، أو قل بإيجاز إنه كان يدبر السياسة الداخلية والخارجية للإمارة. ويصرفها وفق مصالحه الخاصة. ثم كان لهذا النفوذ العظيبم رد فعله، إذا اغتال أحد الانكشارية نفتالى بوزناخ "ملك الجزائر" عام ١٨٠٥ وأعقبت ذلك فتنة دموية، ذبح فيها أغنى اغنياء اليهود، أو أخرجوا من البلاد، ونهبت حوانيتهم، وصودرت أملاكهم، ولم تفق قط "الأمة" اليهودية من أثر هذه النكبة، ونقص عدد اليهود إلى أربعة آلاف كما يقول روزيه). ولكنهم ظلوا يحتملون نير الترك في عناء معن، ولذلك رحبوا بسقوط حسين ترحيبًا عظيمَا، وانضموا إلى الفاتحين، ولم يظهروا لهم معارضة ما.

وكان الأوربيون في مدينة الجزائر إما عبيدا أو تجارا أحرارا. أما العبيد فهم الذين أسرهم القراصنة مع غنائمهم البحرية، أو أثناء غاراتهم على شواطيء البحر المتوسط، وبخاصة على شواطيء أسبانيا وإيطاليا وقورشقة وسردانية. وكان فويق من هؤلاء العبيد من نصيب البكوات، أما الباقون فكانوا يياعون لمن يدفع فيهم أغلى الأثمان في موضع البدستان. وكان الأسرى يعملون في المنازل، أو يستخدمون في المدينة نفسها، أو في الحدائق خارج الأسوار (حسب مشيئة سادتهم)