للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانوا كذلك يسخرون في تسيير السفن الكبيرة بالمجاديف أيامًا معلومة. وكانوا يحبسون ليلا في دور خاصة تابعة للحكومة، أو مملوكة للأفراد، كانت تعرف بسجون الرقيق Bagnioss. وكان هؤلاء الأسرى أقل بؤسا مما يقوله الناس عنهم، فقد كانوا آمنين على أرواحهم، إلا عندما يثور الانكشارية، أو يظهر أسطول مسيحى فتهيج خواطر المسلمين، وأكثر من هذا أن تلك السجون كان بها معابد صغيرة، لها قساوسة، وكان بها ملجأ للعجزة، وحانة للشراب، ولكنهم لم يكن يطلق سراحهم إلا إذا افتدتهم أسرهم بمعاونة رجال الدين كالثالوثيين والمفتدين واللازارين الذين وقفوا أنفسهم على هذه الأغراض، أو إذا استعادوا حريتهم بعد مفاوضات سياسية. وكان طبيعيا أن يختلف عدد هؤلاء العبيد قلة وكثرة تبعًا لانتشار القرصنة أو كسادها، وقد بلغ عددهم أقصاه في النصف الأول من القرن السابع عشر. فقد كانت سجونهم وقتذاك تضم خمسة وعشرين ألفا، كما يقول دان، أو خمسة وثلاثين ألفا، كما يقول كراماى Gramaye ثم نقص هذا العدد أثناء القرن الذي تلاه. فلم يكن في هذه السجون عام ١٧٤٠ سوى ١٤٤٢ أسيرًا، ولم يكن فيها عام ١٧٦٧ أكثر من ٢٦٢ ومن ألف وثمانمائة عام ١٧٦٩ من ١٦٦٩ في عام ١٨١٣, ونقصوا أخيرًا إلى ١٢٠٠ عام ١٨١٦ حين أطلق سراحهم بعد غزوة اللورد إكسموث الموفقة.

أما الأوربيون الذين كانوا يتمتعون بحرية مطلقة، فقد كان عددهم دائما قليلا، لأن الجزائر لم يكن لها قط أهمية تجارية تضارع ما لمدن بلاد البربر الأخرى، وكانت على الأخص أقل شأنًا من ثغور شرقي البحر المتوسط من هذه الناحية، فقد كانت في المدينة جالية أوربية صغيرة مكونة من مائة شخص على الأكثر تتألف من القناصل، وبينهم قنصل إنكلتره وقنصل فرنسا اللذان كانا يتنازعان الصدارة، ومن الموظفين في مكاتب القناصل وقليل من التجار. وكانت مدينة الجزائر أثناء العصر التركى تصرف شئونها إدارة مستقلة، ويشرف عليها "الخزنجى" أو وزير مالية الإمارة، وكانت الجماعات التي يضم كل منها أبناء جنس خاص من