للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"يهذى بكلام ليس له معنى" فإن الكلمة تصبح اسمًا شائعًا يطلق على القصة الخرافية. وهذه هى الكلمة التى يستعملها المسعودى (مروج الذهب، جـ ٤، ص ٨٩ وما بعدها) فى فقرة مشهورة عن أصل ألف ليلة وليلة، وذلك فى ترجمة كلمة أفسانه الفارسية، التى تدل على القصص بوجه عام. وكتاب الفهرست الذى يستفيد بكلمة خرافة استفادة عظيمة، يبدو أنه يقابل بينها وبين كلمة سمر، ومن الواضح أنه يضفى عليها سمة أمعن فى الخيال. ولقد ظل هذا المصطلح شائعا حتى اليوم بمعنى "الخزعبلة"، و"حكاية الجن" و"الأسطورة". ومن الطريف أن نلاحظ أن كلمة "حكاية" فى بعض اللهجات المراكشية تدل بوجه عام على القصة يتفاوت حظها من الصدق، ولكنها على أية حال ممكنة الحدوث؛ والخرافة تدل على قصة من قصص العجائب، وكلمة قصة تعنى وصفًا تاريخيًا (انظر Textes arabes: L.Brunot des Rabat جـ ٢، ص ١٦٣ - ١٦٤)، ونلاحظ فى بلاد تونس (انظر Glossaire de Takrouna: W.Marcais؛ هذه المادة) أن كلمة خرافة تدل على "حديث لا أساس له" وخرايفى تعنى "المتفاخر" والنصاب والغشاش، فى حين أن كلمة خَرَّاف ما زالت تدل على راوى القصص فى بلاد أخرى (انظر Lexique: G.Boris du parler arab. des Marazig باريس سنة ١٩٥٨)، والخرافة قصة، والحكاية رواية قصيرة أو نادرة.

٢ - لعل من الاندفاع أن نزعم أن العرب القدماء قد شغلوا أنفسهم بالشعر والبلاغة وحدهما، ولم يلقوا بالًا إلى حكايات العجائب والأساطير التى هى التراث المألوف للإنسان البدائى، كما أن الدراسة الموجزة لتطور المعانى التى قدمناها فى هذه المادة لا تثبت أنهم اهتموا بحكايات العجائب والأساطير اهتماما كبيرا، والحق أن الجمع أساطير من المحتمل أن يكون قد أخذ من لغة أجنبية، وقد ثبت فى القرآن. أضف إلى ذلك، أن الأساطير الفارسية التى كانت تعرف فى الحيرة هى التى رَدَّ بها النضر بن الحارث على ما ورد بالقرآن من قصص، وعدها من "أساطير الأولين" (انظر، ابن