للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هشام، السيرة النبوية، طبعة القاهرة سنة ١٣٧٥ هـ = ١٩٥٥ م، جـ ١، ص ٣٠٠) وكانت، هذه الأساطير؛ فيما يقال، هى السبب فى أن تشير إليه شخصيًا بعض آيات القرآن (وبخاصة سورة القلم، الآية ١٥) وواقع الأمر، أن هذه القصص التهذيبية الواردة فى القرآن الكريم، تدل فيما يظهر على أن العرب الأولين كانوا قد ألفوا القصص والأساطير، ولكن من المحتمل أن يكون تقديس الأخبار القرآنية التى أخذت على أنها حقائق تاريخية، وبخاصة فيما يتعلق بالأقوام البائدة مثل قوم عاد وثمود الخ .. قد أسفر عن سوء ظن بالأدب الروائى، أو على الأقل، بذلك الجزء منه، الذى يتيسر تحويله مباشرة إلى قصص إسلامى يوضح ما جاء بالقرآن الكريم، ويهذب المؤمن.

ومن المؤكد بصفة عامة أنه حيثما يكون العصر الجاهلى هو المقصود، فإن عالم الأسطورة لا يفرق بينه وبين عالم التاريخ، كما أن مؤرخى القرون الأولى لم يترددوا فى أن ينقلوا الأفكار المتأصلة فى المأثورات الشعبية نقلا يكاد يخلو من النقد، ودخلت هذه الأفكار فى تاريخ العالم، وعلى أية حالة، فإن البحث فى المفردات القرآنية يكشف عن خط فاصل بين ما يعد فى أية حالة أمرا وثيقا ذا فضل فى تهذيب المسلمين مثل الحديث والقصص (أو القصة)، والخبر، والنبأ، والمثل ويبين ما يعد قصة خيالية، لا فائدة منها، بل خطيرة، وهى فى جميع الأحوال مما لا يليق بالمؤمن. ونعنى بها الأساطير ومرادفاتها: الأسمار، والخرافات، التى أصبح مفهومها من بعد يندرج تحت باب الحكايات.

والظاهر أن جزءًا من المادة التى يتألف منها الأدب، قد ترجع كتابته إلى أوائل القرن الأول الهجرى (السابع الميلادى)؛ وأن أسماء مثل: عبيد أو عبيد بن شرية، ووهب بن منبه، وكتاب التيجان، تقفز إلى الخاطر لتوها. ومما له شأن أن هذه كانت أساطير جنوبى جزيرة العرب، ومن الممكن أن يكون الإسلام قد اصطنعها بالطريقة نفسها التى اصطنع بها قصص كعب الأحبار. وثمة معلومات دنيوية قد اكتسبت