للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجود العالم فهو سيكون وجودًا متناهيا، لأن له بداية من جهة، ولأن امتداد مدة وجوده لا يمكن أن يبلغ اللانهاية بالفعل من جهة أخرى وكل ما يمكن أن يقال هو أن وجود العالم وحركته يمكن أن يعتبر لا نهاية له بالقوة لا بالفعل. وإذا كان الزمان حادثًا، وكان هو زمان هذا العالم، فإن الخلق، أعنى وجود العالم، لم يكن فى الزمان. ولما كان اللَّه علة العالم فهو متقدم عليه بالذات لا بالزمان، لأنه لم يكن قبل العالم زمان، لأن الزمان للجرم المتحرك المتبدل. ويصرح الكندى بأن اللَّه ليس فى الزمان، فهل يمكن القول بأن وجود اللَّه له زمان أو مدة تليق بكماله؟ هذا ما لا نجده فى كتب الكندى التى وصلت إلينا. ومن هنا ندرك قوله إنه كانت قبل حدوث العالم ذات أزلية، هى الذات الإلهية طبعًا، كما ندرك تعريفه للأزل بأنه "الذى لم يكن ليس"، والذى لم يسبق وجوده شئ، ولا علة له. وإذن فالأزلية صفة الوجود القديم، ومعناها عدم المسبوقية بشئ أيا كان، ولا يمكن، بحسب هذا، وأن يكون اللَّه فى زمان ولا مدة ولا دهر، وإن كان وجوده دائما أزلًا أبدًا.

على أنه يُذكر بين مؤلفات الكندى كتاب له فى "النسب الزمانية" وآخر فى "ماهية الزمان والحين والدهر"، ولكنهما غير معروفين لنا حتى الآن. أما الذى لا شك فيه فهو أن اللَّه عنده ليس فى الزمان، وأن هذا العالم وكل ما يعرض فيه حادث، وأنه لا يوجد مبدأ قديم سوى اللَّه تعالى.

وكان المتكلمون فى عصر الكندى، وهم جميعا من المعتزلة، ويقولون بتناهى وحدوث كل شئ سوى اللَّه، وهم بطبيعة الحال، رفضوا قول أرسطو بقدم الزمان وتناولوا فكرة الامتداد الزمانى من ناحية أخرى، فنجد أبا الهذيل العلاف المتوفى سنة ٢٣٥ هـ = ٨٤٩ م يعرف "الوقت" بأنه "الفرق بين الأعمال"، ويقول إنه "يحدث مع كل وقت فعل"، ونجد الجبّائى المتوفى سنة ٣٠٣ هـ = ٩١٥ م يقول "إن الوقت هو ما توقته للشئ فإذا قلت: آتيك قدوم زيد، فقد جعلت قدوم زيد وقتا لمجيئك"؛ ويقول الجبائى أيضًا: "إن الأوقات هى