للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الزمان، وهو الاتصال والاستمرار فقط، وهو مرتبط بمعنى القَبْل والبَعْد، ويمكن أن يعد، رغم أنه متصل، لأنه كمّ متصل، ولما كان الآن "متوهما" غير قار الذات فإن الزمان لا وجود له فى ذاته. وإذا عرفنا أن الكِنْدى يقول بحدوث العالم عن علته من غير شئ سابق عليه، وذلك من حيث كونه جسما، ويقول بتناهى هذا الجسم فى الامتداد المكانى، بحيث لا يكون خارج العالم شئ حتى ولا الفراغ (الخلاء المطلق)، ويقول بالتالى بحدوث المكان الذى يعتبره متوقفا على المتمكن فيه وبحدوث الحركة والزمان الذى هو عددها، أدركنا، على نحو أوضح، أن الزمان لا يوجد مستقلا عن العالم وحركته وأنه حادث له بداية، ويقيم الكندى الأدلة النظرية المستندة خصوصا إلى التفكير الرياضى، على هذا كله، وأساس رأى الكندى فى تناهى الجسم والحركة والزمان من حيث أول وجودها هو أن الشئ الذى لا نهاية له بالفعل -وهذا ما ينشأ عن القول بعدم التناهى- هو الوجود المتحقق وأن الجسم والحركة والزمان مرتبطة فى الوجود ودوامه، فلا جسم يوجد إلا ووجوده حركة كون، وهو لا يتحرك بعد ذلك إلا فى زمان، ولا يستمر وجوده أيضا إلا فى زمان هو مدة وجوده، أى المدة التى يكون فيها "إنية". فالزمان عند الكندى هو المدة التى يكون الوجود فيها موجودًا، ولكن لما كان من الموجودات، ما هو ساكن، فإن مدة وجوده تقاس إما بحسب حركة من نوع ما -ولو حركة التغير (السيلان) والتبدل الدائم فى كل ما هو محسوس- أو بحسب مقدار حركة متحرك غيره، ولكن لما كان الكندى يصرح بأن المدة المفصولة، يعنى المنقسمة بتبدل من نوع ما، هى الزمان وبأن المدة هى "مدة الوجود"، فإننا نستطيع أن نميز عنده بين زمان هو مدة الوجود وزمان متصل بالحركة والتغير، وهو خاص بالمتغيرات. ولكن هذه المدة على كل حال ليست ذاتا ولا جوهرًا قائمًا بذاته، بل هى اعتبارية ترجع إلى استمرار وجود ما هو موجود. وعند الكندى أن هذا العالم حادث، وأن له "مدة مقسومة" قد يزول بانتهائها، وقد تمتد حسبما تقتضيه إرادة موجد العالم، ولكن مهما امتد