للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للجواهر البسيطة؛ وهو، خصوصًا بالنسبة للَّه، مقدار لا يقع عليه العد، لأن المعدود متناه، واللَّه فوق التناهى. أما الزمان السنين والأيام فهو الكائنات المحدودة المتناهية، وهو يقدر بالحركة والتغير.

ولعل فى هذا ما يشير إلى أصول مذهب الإيرانشهرى والرازى فى الزمان من أحد معانيه، وخصوصا أن البيرونى يحكى لنا أن الإيرانشهرى كتب فى آراء الهنود.

أما عند ابن سينا (١) فالزمان مدة هى كم متصل، لكنه شئ متجدد متقضّ غير قار، وهو يطابق الحركة، أعنى الحركة المستديرة الدائمة، وهى هيئة فى الجسم لا هى مقدار الجسم نفسه ولا المسافة التى يقطعها، وعليها يتوقف الزمان فى وجوده وفى إحساسنا به وتصورنا له، بحيث يكون عبارة عن مقدارها. والزمان والحركة عند ابن سينا حادثان حدوث إبداع بالذات لا بالزمان، وإلا كان قبل الزمان زمان، وأدى ذلك إلى التناقض. أما الآنات التى هى أطراف أقسام الزمان (الماضى والمستقبل) فهى أجزاء الزمان الوهمية، وأساس هذا كله تمييز ابن سينا بين القدم بالذات، وهو انتفاء البداية للقديم، والقدم بالزمان، وهو انتفاء البداية الزمانية، وبين الحدوث الإبداعى الذى هو عبارة عن حدوث شئ غير مسبوق بزمان، بفعل مبدأ يوجده، والحدوث الزمانى الذى هو عبارة عن حدوث الشئ مسبوقا بزمان لم يكن فيه موجودا. ويتحصل من هذا أن الزمان عند ابن سينا، شأنه شأن الحركة والمتحرك، قديم وإن كان مبدعا. ويميز ابن سينا بين ما يكون فى الزمان مثل أقسام الزمان وأطرافه والحركات والمتحركات الزمانية، وما يكون مع الزمان من غير أن يكون فى الزمان. ويظهر أن ابن سينا يقصد هنا الذات الإلهية وعالم العقول بحسب مذهب الصدور، وهو يقول إن الأشياء التى مع الزمان وخارجة عنه، إذا قوبلت مع الزمان واعتبرت به فكان لها ثبات مطابق لثبات الزمان وما فيه، سميت


(١) راجع مثلا كتاب النجاة ص ١٨٦ - ١٩٢، ٣٥٥ - ٣٥٦ طبعة القاهرة ١٣٣١ هـ وتسع رسائل فى الحكمة والطبيعات طبعة استانبول، ١٢٨٩ هـ، ص ١١ - ١٢، ٦٣.