للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ميدان القتال. وكانت عادة المفاخرة هذه عميقة الجذور حتى أن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- لجأ اليها -بعد ذلك- فى المدينة المنوّرة، رغم أنه كان -بشكل عام- معاديًا لنفوذ الشعراء (انظر ديوان حسّان بن ثابت. وحساسية العرب للهجاء لم تمنع من توجيهه ضد شيوخ القبائل وذوى الحيثيات، وإن كانت قلة قليلة من هذه الأشعار هى التى بقيت (هكذا لاحظ الجاحظ فى كتابه الحيوان، ١، ٣٥٩)

والملمح الجدير بالملاحظة هو الافتقاد الكامل لشعر الحب (بصرف النظر عن النسيب التقليدى) كما أن شعر الخَمْريّات نادر بدوره ويلاحظ أن الشواهد الدالة على وجوده تعود لفترة ظهور الإسلام (انظر أبو محْجَن)، ولا توجد قصائد مستقلة تتناول الصيد (قصائد الطرديّة والجمع طرائد). وشهدت المناطق الحضرية أيضا شعراء، وإن كان إنتاجهم الشعرى يختلف نسيجًا ومضمونا عن شعر البادية، ولم يبق منه إلّا القليل خلا أشعار عَدِىِّ بن زيد وهو شاعر من الحيرة يتناول الدين ومجالس الشراب بالإضافة للقصائد الدينية المنسوبة إلى أمية بن أبى الصلت (من الطائف) وهى قصائد مشكوك فى نسبتها إليه.

النقل والتوثيق:

ليس هناك دليل يقينى على أن الشعر الجاهلى قد وصلنا مكتوبا فى فترة سابقة على القرن الأول الهجرى رغم أنه لا يمكننا انكار استخدام الكتابة فى تسجيل الأعمال الأدبية قبل الإسلام وإن كان وصول الأشعار والأشكال الأدبية الأخرى إلينا يُعزى فضله للرواة، أما عملية التسجيل فيعود الفضل فيها لعلماء فقه اللغة فى القرن الثانى للهجرة (الثامن للميلاد) وعلى هذا فتدوين الانتاج الأدبى بدأ بعد مائتى سنة أو ثلاثمائة من ظهور هذا الإنتاج أو إنشائه، وهذا يجعل الأشعار المجموعة والمنسوبة للجاهلية موضع شك فى نسبتها لقائليها، وقد تعرض لهذه القضية د. س مرجليوث فى مجلة الجمعية الملكية الآسيوية Journal of the Royal Asiatic Society, العدد الصادر سنة ١٩٢٥، وطه حسين فى كتابه فى