للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر ونجاشى الحبشة وهرقل الإمبراطور البيزنطى وملك فارس، وعدد آخر من الحكام يطالبهم باعتناق الإسلام. والرسائل بالصيغة التى وصلت إلينا لا يمكن قبول صحتها حيث إنها تحوى من التفاصيل ما يعكس مرحلة تالية من تاريخ الإسلام، بل إنه حتى لو نحن أغفلنا بعض هذه التفاصيل مما قد يكون أقحم فيما بعد فى الرسائل فإن فحوى الرسائل لا يمكن أن تبرر تقبل معظم الناس لها. ذلك أنه من غير المعقول أن يقبل محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وهو السياسى والدبلوماسى المحنك، على اتخاذ هذه الخطوة قبل فتحه لمكة، وإن كان من غير المستبعد أن يكون قد بعث برسائل إلى ولاة امبراطورى بيزنطة وفارس على الحدود الشمالية من شبه الجزيرة العربية وفى اليمن، كذلك فإنه بوسعنا أن نقبل دون تردد أنه كان يراسل نجاشى الحبشة.

قد يكون صحيحا أن ثمة آيات مدنية فى القرآن تتجاوز المفهوم السابق عن أنه بعث نبيا إلى العرب. غير أنه حتى تلك الآيات التى كثيرا ما يشار إليهاء على أنها دليل على أنه كان يؤمن بأن رسالته هى للعالم أجمع لا تدل على ذلك إلا إن نحن تجاوزنا معناها الحرفى إلى تفسير أوسع. فمن المشكوك فيه أن يكون محمد قد اعتبر أمته القائمة على أساس اجتماعى دينى والتى أسسها فى المدينة، نواة دين عالمى كما اعتقد نولدكه وجولدزيهر وتوماس آرنولد مثلا. أما النتائج التى استخلصها سنوك هورجرونجى وهنرى لامانس فأكثر اتفاقا مع دلالات القرآن (*).


(*) ساق باحثون مسلمون كثيرون أدلة من القرآن الكريم وحديث الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] على عالمية الإسلام. وإنه موجه للناس كافة. ويهمنا هنا أن نشير إلى أدلة من نوع جديد على عالمية الإسلام، هى أن المجتمع المحيط برسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] منذ البداية كان يشكل كل أجناس البشر وليس العرب فقط: صهيب الرومى (العنصر الأبيض) وبلال الحبشى (العنصر الأسود) وسلمان الفارسى العنصر (الأبيض الأندواوربى) ومارية القبطية أم إبراهيم (العنصر الحامى، أو السامى الحامى المخلط). . . الخ وقد لعبوا جميعا أدوارا مهمة فى التاريخ الإسلامى فى عهد النبوة. وبصرف النظر عن البحث عن حقائق تاريخية غابت عنا، فإن انتشار الإسلام كما يبدو من خريطة العالم اليوم يشير أنه لم يعد قصرا على العرب إذ يمتد بين خص عرضه ٦٠ شمالا و =