للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(of Lucca، ولم يكن منه إلا أن استسلم للثورة العنيفة التي قاد لواءها النكّارى أبو يزيد بن كيداد الإفرانى صاحب الحمار الذي جهر بأنه "شيخ المؤمنين" وقاد باسم الدين هوَارة شرقي أوراس لمهاجمة مدن إفريقية. ونهب البربر الخوارج عام ٩٤٤ م باجة والأربس والقيروان وسوسة، واستولوا على تونس وحاصروا الخليفة في حيه الخاص بالمهدية عام ٩٤٥ م بعد أن ازدحمت صفوفهم بمن انضم إليهم من بربر نفوسة والزاب. ومات أبو القاسم في أحرج الأوقات عام ٩٤٦ م. واستطاع إبنه إسماعيل المنصور- يؤيده أهل البلاد الذين أسخطتهم مظالم الغزاة وتنصره كتامة التي ظلت موالية له- أن يعيد الأمور إلى نصابها. وهُزم أبو يزيد في وقائع دموية متعاقبة، ورأى بعينيه تفرق رجاله. ثم سقط في يد أعدائه مثخنًا بالجراح في الموضع الذي شيد فيه ابن حماد قلعته عام ٩٤٧ م

فلما انتهى هذا العصر المضطرب، أعقبه عصر آخر يسوده الأمن والرخاء. وبادر المنصور إلى إظهار سلطانه بتشييد مدينة صَبْرَة الزاهرة التي عرفت بالمنصورية، وسرعان ما أخملت جارتها القيروان ٩٤٧ م. وازدهرت التجارة والصناعة، وكان القائد رشيق يجوب البحر ملقياً الرعب في قلوب النصارى. وحلت اللحظة المنتظرة من زمن طويل عندما اعتلى المعز عرش الخلافة عام ٩٥٣ م: ذلك أن المغرب بأسره قد وإن له بالطاعة فيما يظهر على الرغم من شبوب الفتن بين الحين والحين لمناصرة الأمويين أصحاب قرطبة؛ وكانت غارات الأندلسيين على سواحل سوسة وطبرقة عام ٩٥٦ م ثارات قديمة فحسب، ولم تكن ذات خطر حقيقى. وقوى الأمل في فتح مصر، وكان قد ضعف بموت كافور الإخشيدى، فاحتل جوهر الصقلى، وكان عبد، فأعتق، على رأس كتامة مدينة الفسطاط في يولية عام ٩٦٩ م باسم الخليفة المعتز، مثله في ذلك مثل أبي عبد الله الذي احتل القيروان لمولاه