للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مكانة مشرفة بين أرسطوطاليس وبيفون (١) وعلى حين يسير كتابه "البيان" على منهج بعض الشئ، ويعرضه العسكرى في صورة أكثر تنظيمًا في مصنفه "كتاب الصناعتين" فإن كتاب الحيوان وعلم الحيوان بصفة عامة لا يكادان يلهمان الكتاب المتأخرين. وفي الوقت الذي ازدهر فيه الأدب فإن ابن قتيبة في كتابه "عيون الأخبار" (ترجمة The natural: L. Kopf history إلخ.، باريس وليدن، سنة ١٩٤٩) وأبا حيان التوحيدى، بعد ذلك بقليل، في كتابه الإمتاع والمؤانسة (ترجمة L. Kopf، في Osiris جـ ١٢، سنة ١٩٥٦، ص ٣٩٠ - ٤٦٦)، خصصا بعض الفراغ للحيوانات، ولكن دون أن يعنيا بالتصنيف العلمى. وثمة تناول للموضوع من هذا القبيل في الموسوعات العامة، وخير مثال لها هو المستطرف (فصل ٦٢) للإبشيهي. ومن جهة أخرى عرض إخوان الصفاء بوضوح في نهاية الجزء الثاني من كتابهم "الرسائل" طبقات المخلوقات شاملة في ترتيب تصاعدى: المعادن والنباتات والحيوانات والإنسان والأجرام السماوية، وفي كل طبقة من هذه الطبقات نجد أعلاها رتبة قريبة من أدناها في الطبقة التالية: وهكذا فإن النخلة، التي تنتمى إلى أعلى رتبة بين النباتات، تزحزح قليلا عن الحلزون، الذي لا يتصف إلا بحاسة اللمس، ذلك أن الحكمة الإلهية لا تهب للحيوان أعضاء، ليس في حاجة إليها. ويحتل القرد الذي يقارب الإنسان غير المتحضر أعلى رتبة بين الحيوانات، ويوضع في أدنى درجة في الفرع التالى من التقسيم. ويكون الإنسان طبقة قائمة بذاتها، لأنه يتصف دون سواه بجميع المزايا، التي لا توهب للحيوانات إلا على حدة.

وظلت الحال على هذا المنوال حتى جاء القزويني (المتوفي سنة ٦٨٢ هـ- ١٢٨٣ م) فاصطنع بطريقة منهجية أفكارًا أقدم عهدًا، وأدخل في كتابه "عجائب المخلوقات" رسالة عن علم الحيوان؛ وهو يقسم الكائنات الحية


(١) الكونت جورج لوى لكلير دى بيفون عالم فرنسى في الطبيعات.