للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقتضى الاستغراق واقتران قوله كلها يوجب الشمول فكما علمه اسماء المخلوقات علمه اسماء الحق تعالى فاذا كان تخصيصه بمعرفة اسماء المخلوقات يقتضى ان يصح سجود الملائكة له فما الظن بتخصيصه بمعرفة اسماء الحق وما الذي يوجب له ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ اى عرضها اى المسميات وانما ذكر الضمير لان في المسميات العقلاء فغلبهم والعرض اظهار الشيء للغير ليعرف العارض منه حاله وفي الحديث (انه عرضهم أمثال الذر) ولعله عز وجل عرض عليهم من افراد كل نوع ما يصلح ان يكون أنموذجا يتعرف منه احوال البقية وأحكامها والحكمة في التعليم والعرض تشريف آدم واصطفاؤه وإظهاره الاسرار والعلوم المكنونة فى غيب علمه تعالى على لسان من يشاء من عباده وهو المعلم المكرم آدم الصفي كيلا يحتج الملك وغيره بعلمه ومعرفته وذلك رحمة الله التي وسعت كل شىء فَقالَ الله عز وجل تبكيتا وتعجيزا للملائكة وخطاب التعجيز جائز وهو الأمر بإتيان الشيء ولم يكن إتيانه مرادا ليظهر عجز المخاطب وان كان ذلك محالا كالامر بإحياء الصورة التي يفعلها المصورون يوم القيامة ليظهر عجزهم ويحصل لهم الندم ولا ينفعهم الندم أَنْبِئُونِي اى أخبروني بِأَسْماءِ هؤُلاءِ الموجودات إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى زعمكم انكم أحقاء بالخلافة ممن استخلفته كما ينبئ عنه مقالكم ويقال هذه الآية دليل على ان اولى الأشياء بعد علم التوحيد تعلم علم اللغة لانه تعالى أراهم فضل آدم بعلم اللغة ودلت ايضا ان المدعى يطالب بالحجة فان الملائكة ادعوا الفضل فطولبوا بالبرهان وبحثوا عن الغيب فقرعوا بالعيان اى لا تعلمون اسماء ما تعاينون فكيف تتكلمون في فساد من لا تعاينون فيا ارباب الدعاوى اين المعاني ويا ارباب المعرفة اين المحبة ويا ارباب المحبة اين الطاعة قال ابو بكر الواسطي من المحال ان يعرفه العبد ثم لا يحبه ومن المحال ان يحبه ثم لا يذكره ومن المحال ان يذكره ثم لا يجد حلاوة ذكره ومن المحال ان يجد حلاوة ذكره ثم يشتغل بغيره قالُوا استئناف واقع موقع الجواب كانه قيل فماذا قالوا حينئذ هل خرجوا عن عهدة ما كلفوه او لا فقيل قالوا سُبْحانَكَ اى نسبحك عما لا يليق بشأنك الأقدس من الأمور التي من جملتها خلو افعالك من الحكم والمصالح وهي كلمة تقدم على التوبة قال موسى عليه السلام سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وقال يونس سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ وسبحان اسم واقع موقع المصدر لا يكاد يستعمل الا مضافا فاذا أفرد عن الاضافة كان اسما علما للتسبيح لا ينصرف للتعريف والالف والنون فى آخره لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا اعتراف منهم بالعجز عما كلفوه واشعار بان سؤالهم كان استفسارا ولم يكن اعتراضا إذ معناه لا علم لنا الا ما علمتنا بحسب قابليتنا من العلوم المناسبة لعالمنا ولا قدرة لنا على ما هو خارج عن دائرة استعدادنا حتى لو كنا مستعدين لذلك لأفضته علينا وما مصدرية اى الا علما علمتناه ومحله رفع بدل من موضع لا علم كقولك لا اله الا الله إِنَّكَ أَنْتَ ضمير فضل لا محل له من الاعراب الْعَلِيمُ الذي لا يخفى عليه خافية وهذه اشارة الى تحقيقهم لقوله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ الْحَكِيمُ المحكم لمبتدعاته والذي لا يفعل الا ما فيه حكمة بالغة وأفادت الآية ان العبد ينبغى له ان لا يغفل عن نقصانه وعن فضل الله وإحسانه ولا يأنف ان يقول لا اعلم فيما لا يعلم ولا يكتم فيما يعلم وقالوا لا أدرى

<<  <  ج: ص:  >  >>