كما قيل «يداك اوكتا وفوك نفخ» وهذا مثل مشهور يضرب لمن يتحسر ويتضجر مما يرد عليه منه يقال او كأعلى سقائه إذا شده بالوكاء والوكاء للقربة وهو الخيط الذي يشد به فوها وقد ورد فى العبارة النبوية (فمن وجد خيرا فليحمد الله) اى الذي هو ينبوع الرحمة والخير (ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه) : وفى المثنوى
داد حق اهل سبا را بس فراغ ... صد هزاران قصر وايوانها وباغ
شكر آن نكزاردند آن بدرگان ... در وفا بودند كمتر از سكان
مر سكانرا لقمه نانى ز در ... چون رسد بر در همى بندد كمر
پاسبان وحارس در ميشود ... كر چهـ بر وى جور سختى ميرود
هم بر ان در باشدش باش وقرار ... كفر دارد كرد غيرى اختيار
بيوفايى چون سكانرا عار بود ... بيوفايى چون روا دارى نمود
وَجَعَلْنا عطف على كان لسبأ وهو بيان لما أوتوا من النعم البادية فى مسايرهم ومتاجرهم بعد حكاية ما أوتوا من النعم الحاضرة فى مساكنهم ومحاضرهم وما فعلوا بها من الكفران وما فعل بهم من الجزاء تكملة لقصتهم وانما لم يذكر الكل معا لما فى التثنية والتكرير من زيادة تنبيه وتذكير والمعنى وجعلنا مع ما آتيناهم فى مساكنهم من فنون النعم بَيْنَهُمْ اى بين بلادهم اليمنية وَبَيْنَ الْقُرَى الشامية الَّتِي بارَكْنا فِيها [بركت داده ايم در ان] يعنى بالمياه والأشجار والثمار والخصب والسعة فى العيش للاعلى والأدنى والقرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس بلدة كانت او غيرها والمراد هنا فلسطين وأريحا وأردن ونحوها والبركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير قُرىً ظاهِرَةً اصل ظهر الشيء ان يحصل على ظهر الأرض فلا يخفى وبطن الشيء ان يحصل فى بطنان الأرض فيخفى ثم صار مستعملا فى كل ما برز للبصر والبصيرة اى قرى متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهى ظاهرة لا عين أهلها او راكبة متن الطريق ظاهرة للسابلة غير بعيدة عن مسالكهم حتى تخفى عليهم [ودر عين المعاني آورده كه از مأرب كه منزل اهل سبا بود تا شام چهار هزار وهفتصد ديه بود متصل از سبا تا بشام] وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ [التقدير: اندازه كردن] والسير المضي فى الأرض اى جعلنا القرى فى نسبة بعضها الى بعض على مقدار معين يليق بحال أبناء السبيل قيل كان الغادي من قرية يقيل فى الاخرى والرائح منها يبيت فى اخرى الى ان يبلغ الشام لا يحتاج الى حمل ماء وزاد وكل ذلك كان تكميلا لما أوتوا من انواع النعماء وتوافيرا لها فى الحضر والسفر سِيرُوا فِيها على ارادة القول بلسان المقال والحال فانهم لما مكنوا من السير وسويت لهم أسبابه فكأنهم أمروا بذلك واذن لهم فيه اى وقلنا لهم سيروا فى تلك القرى لمصالحكم لَيالِيَ وَأَيَّاماً اى متى شئتم من الليالى والأيام حال كونكم آمِنِينَ اصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف اى آمنين من كل ما تكرهونه من الأعداء واللصوص والسباع بسبب كثرة الخلق ومن الجوع والعطش بسبب عمارة المواضع لا يختلف الامن فيها باختلاف الأوقات او سيروا فيها آمنين وان تطاولت مدة سفركم وامتدت ليالى