ما سألوا فانه تعالى لا يزال ينشيء اشخاصا ويفنى آخرين ويأتى بأحوال ويذهب بأحوال من الغنى والفقر والعزة والذلة والنصب والعزل والصحة والمرض ونحو ذلك حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح البالغة وفي الحديث (من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين) قال الحسين بن الفضل هو سوق المقادير الى المواقيت وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال خلق الله تعالى لوحا من درة بيضا دفناه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن وهو مأخوذ من قوله عليه السلام ان الرب لينظر الى عباده كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يبدئ ويعيد وذلك من حبه خلقه ويدل على هذا الحب ما يقال من ان الله تعالى يحيى كل يوم الفا وواحدا يميت الفا فالحياة الفانية إذا كانت خيرا لتحصيل الحياة الباقية فما ظنك بفضيلة الحياة الباقية وعن عبينة الدهر كله عند الله يومان أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهى والاماتة والاحياء والإعطاء والمنع والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب والثواب والعقاب قال مقاتل نزلت الآية في اليهود حين قالوا ان الله لا يقضى يوم السبت شيأ ففيها رد لهم وقوله كل ظرف لما دل عليه هو في شأن اى يقلب الأمور كل يوم او يحدثها كل يوم او نحوه كما في بحر العلوم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مع مشاهدتكم لما ذكر من إحسانه وفي بحر الحقائق يشير الى تجلى الحق في كل زمن فرد ونفس فرد على حسب المتجلى له واستعداده ولا نهاية للتجليات فبأى آلاء ربكما تكذبان من تجلى الحق بصور مطلوبكم وإيجاده من كتم العدم ووجود محبوبكم
كل يوم في شأن چهـ شانست بدو ... هر زمان جلوه ديكر شود از پرده عيان
جلوه حسن ترا غايت و پايانى نيست ... يعنى أوصاف كمال تو ندارد پايان
قال البقلى يسأله من في السموات من الملائكة كلهم على قدر مقاماتهم يسأله الخائف النجاة من العبد والحجاب ويسأله الراجي الوصول الى محل الفرح ويسأله المطيع قوة عبادته وثواب طاعته ويسأله المحب أن يصل اليه ويسأله المشتاق أن يراه ويسأله العاشق أن يقرب منه ويسأله العارف أن يعرفه بمزيد المعرفة ويسأله الموحد أن يفنى فيه ويستغرق في بحر شهوده ويسأله الجاهل علم ما يحجبه عنه ويسأله العالم ويعرفه به وكذا كل قوم على قدر مراتبهم ودرجاتهم وهو تعالى في كل يوم هو في شأن والشان الحال والأمر العظيم سَنَفْرُغُ لَكُمْ اى سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة عند انتهاء شؤون الخلق المشار إليها بقوله تعالى كل يوم هو في شأن فلا يبقى حينئذ الشأن واحد هو الجزاء فعبر عنه بالفراغ لهم على المجاز المرسل فان الفراغ يلزمه التجرد والا فليس المراد الفراغ من الشغل لانه تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقيل هو مستعار من قول المهدد لصاحبه سأفرغ لك اى سأتجرد للايقاع بك من كل ما يشغلنى عنه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه فالخطاب للمجرمين منهما بخلافة على الاول أَيُّهَ الثَّقَلانِ قال الراغب