انزالا مماثلا لانزال الكتابين على اليهود والنصارى المقتسمين الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ المنزل عليك يا محمد عِضِينَ اجزاء. وبالفارسية [پاره پاره يعنى پخش كردند قرآنرا] والموصول مع صلته صفة مبينة لكيفية اقتسامهم اى قسموا القرآن الى حق وباطل حيث قالوا عنادا وعدوانا بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما وهذا المعنى مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. والغرض بيان المماثلة بين الايتاءين لا بين متعلقيهما كما فى الصلوات الخليلية فان التشبيه فيها ليس لكون رحمة الله الفائضة على ابراهيم وآله أتم وأكمل مما فاض على النبي عليه الصلاة والسلام وانما ذلك للتقدم فى الوجود فليس فى التشبيه اشعار بافضلية المشبه به من المشبه فضلا عن إيهام افضلية ما تعلق به الاول مما تعلق به الثاني فانه عليه الصلاة والسلام اوتى ما لم يؤت أحد قبله ولا بعد مثله. وعضين جمع عضة وهى الفرقة والقطعة أصلها عضوة فعلة من عضى الشاة تعضية إذا جعلها أعضاء وانما جمعت جمع السلامة جبرا للمحذوف وهو الواو كسنين وعزين والتعبير عن تجزية القرآن بالتعضية التي هى تفريق الأعضاء من ذى الروح المستلزم لازالة حياته وابطال اسمه دون مطلق التجزئة والتفريق اللذين يوجدان فيما لا يضره التبعيض من المثليات للتنصيص على كمال قبح ما فعلوه بالقرآن العظيم هذا وقد قال بعضهم المقتسمون اثنا عشر او ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة ايام موسم الحج فاقتسموا عقاب مكة وطرقها وقعدوا على ابوابها فاذا جاء الحاج قال واحد منهم لا تغتروا بهذا الرجل فانه مجنون وقال آخر كاهن وآخر عرّاف وآخر شاعر وآخر ساحر فثبط كل واحد منهم الناس عن اتباعه عليه الصلاة والسلام ووقعوا فيه عندهم فاهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات وعلى هذا فيكون الموصول مفعولا اولا لانذر الذي تضمنه النذير اى انذر المعضين الذين يجزؤن القرآن الى شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين مثل ما أنزلنا على المقتسمين اى سننزل على ان يجعل المتوقع كالواقع وهو من الاعجاز لانه اخبار بما سيكون وقد كان وهذا المعنى هو الأظهر ذكره ابن إسحاق كذا فى التكملة لابن عساكر فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ اى لنسألن يوم القيامة اصناف الكفرة من المقتسمين وغيرهم سئوال توبيخ وتقريع بان يقال لم فعلتم وقوله تعالى فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ اى لا يسألون أي شىء فعلتم ليعلم ذلك من جهتهم لان سئوال الاستعلام محال على الملك العلام ويجوز ان يكون السؤال مجازا عن المجازاة لانه سببها عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فى الدنيا من قول وفعل وترك وقال فى بحر العلوم فان قلت قد ناقض هذا قوله فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ قلت ان يوم القيامة يوم طويل مقدار خمسين الف سنة ففيه ازمان واحوال مختلفة فى بعضها لا يسألون ولا يتكلمون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (تمكثون الف عام فى الظلمة يوم القيامة لا تتكلمون) وفى بعضها يسألون ويتساءلون قال الله تعالى وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ وفى بعضها يتخاصمون وقال كثير من العلماء يسألهم عن لا اله الا الله وهى كلمة النجاة وهى كلمة الله العليا لو وضعت فى كفة والسموات والأرضون السبع فى كفة لرجحت بهن من قالها مرة غفر له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر: قال المغربي