يا عائشة) قال الراوي فلما سمعت عائشة وكانت فى البيت بكت وقالت «والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب الىّ من سرورى» فتبسم رسول الله ضاحكا وقال (ابنة صديق) ومنها غاية كرم الله ورحمته وفضله على عباده حيث يتفضل عليهم ويرحمهم ويزكيهم عن اوصافهم الذميمة مع استحقاقهم العذاب الأليم فى الدنيا والآخرة فانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب ولو كان للعذاب لكان من جهتهم بسوء اختيارهم عصمنا الله وإياكم من الأوصاف الذميمة الموجبة للعذاب الأليم وشرفنا بالأخلاق الحميدة الباعثة على الدرجات والتنعمات فى دار النعيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ جمع خطوة بضم الخاء وهى ما بين القدمين اى ما بين رجلى الخاطي وبالفتح المرة الواحدة من الخطو ثم استعمل اتباع الخطوات فى الاقتداء وان لم يكن ثمة خطو يقال اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه إذا استن بسنته والمراد هاهنا سيرة الشيطان وطريقته. والمعنى لا تسلكوا الطرق التي يدعوكم إليها الشيطان ويوسوس بها فى قلوبكم ويزينها لاعينكم ومن جملتها اشاعة الفاحشة وحبها وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فقد ارتكب الفحشاء والمنكر فقوله فَإِنَّهُ اى الشيطان يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ علة للجزاء وضعت موضعه والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه عرفا وعقلا سواء كان فعلا او قولا والمنكر ما ينكره الشرع وقال ابو الليث المنكر ما لا يعرف فى شريعة ولا سنة وفى المفردات المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة واستعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تحقيرا لشأنهم وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بهذه البيانات والتوفيق للتوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها ما زَكى ما طهر من دنس الذنوب مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ من الاولى بيانية والثانية زائدة واحد فى حيز الرفع على الفاعلية أَبَداً آخر الدهر لا الى نهاية وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يطهر مَنْ يَشاءُ من عباده بافاضة آثار فضله ورحمته عليه وحمله على التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم وفيه حجة على القدرية فانهم زعموا ان طهارة النفوس بالطاعات والعبادات من غير توفيق من الله وَاللَّهُ سَمِيعٌ مبالغ فى سمع الأقوال التي من جملتها ما قالوه من حديث الافك وما أظهروه من التوبة منه عَلِيمٌ بجميع المعلومات التي من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الإخلاص فى التوبة
كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل
وفى الآية امور منها ان خطوات الشيطان كثيرة وهى جملة ما يطلق عليه الفحشاء والمنكر ومن جملته القذف والشتم والكذب وتفتيش عيوب الناس وفى الحديث (كلام ابن آدم كله عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر الله تعالى) وفى الحديث (كثرت خيانة ان تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له كاذب) وفى الحديث (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط اهل الفقه والحكمة وجانب اهل الجهل والمعصية وعن بعضهم خطوات الشيطان النذور فى معصية الله كما فى تفسير ابى الليث فيخرج منها النذور فى طاعة الله كالصلاة والصوم ونحوهما مما ينهى عن الفحشاء