دون بمعنى غير فيندرج القسمان الأخيران فيه وَأَنَّا ظَنَنَّا اى علمنا الآن بالاستدلال والتفكر فى آيات الله فالظن هنا بمعنى اليقين لان الايمان لا يحصل بالظن ولان مقصودهم ترغيب أصحابهم وترهيبهم وذا بالعلم لا بالظن كما قال عليه السلام انا النذير العريان أَنْ اى ان الشان لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ عن إمضاء ما أراد بنا كائنين فِي الْأَرْضِ أينما كنا من أقطارها فقوله فى الأرض حال من فاعل نعجز والاعجاز عاجز كردن وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً قوله هربا حال من فاعل لن نعجز اى هاربين من الأرض الى السماء والى الجار والى جبل قاف أو لن نعجزه فى الأرض ان أراد بنا أمرا ولن نعجزه هرن ان طلبنا فالفرار من موضع الى موضع وعدمه سيان فى أن شيأ منهما لا يفيد فواتنا منه ولعل الفائدة فى ذكر الأرض حينئذ الاشارة الى انها مع سعتها وانبساطها ليست منجى منه تعالى ولا مهربا وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى اى القرآن الذي يهدى للتى هى أقوم آمَنَّا بِهِ من غير تأخير وتردد فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ وبما أنزله من الهدى فَلا يَخافُ اى فهو لا يخاف فالكلام فى تقدير مبتدأ وخبر ولذلك دخلت الفاء ولولا ذلك القيل لا يخف وفائدة رفع الفعل ووجوب إدخال الفاء انه دال على تحقيق ان المؤمن ناج لا محالة وانه المختص بذلك دون غيره بَخْساً اى نقصا فى الجزاء وَلا رَهَقاً ولا أن ترهقه ذلة وتغشاه او جزاء بخس ولا رهق اى ظلم إذ لم يبخس أحدا حقا ولا رهق اى ظلم أحدا فلا يخاف جزاءهما وفيه دلالة على ان من حق من آمن بالله أن يجتنب المظالم ومنه قوله عليه السلام المؤمن من امنه الناس على أنفسهم وأموالهم قال الواسطي رحمه الله حقيقة الايمان ما أوجب الامان فمن بقي فى مخاوف المرتابين لم يبلغ الى حقيقة الايمان وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ اى بعد استماع القرآن وَمِنَّا الْقاسِطُونَ الجائرون عن طريق الحق الذي هو الايمان والطاعة فالقاسط الجائر لانه عادل عن الحق والمقسط العادل لانه عادل الى الحق يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل وقد غلب هذا الاسم اى القاسط على فرقة معاوية ومنه الحديث خطابا لعلى رضى الله عنه (تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين) فالناكثون اصحاب عائشة رضى الله عنها فانهم الذين نكثوا البيعة اى نقضوها واستنزلوا عائشة وساروا بها الى البصرة على جمل اسمه عسكر ولذا سميت الوقعة يوم الجمل والقاسطون اصحاب معاوية لانهم قسطوا اى جاروا حين حاربوا لامام الحق والوقعة تعرف بيوم صفين والمارقون الخوارج فانهم الذين مرقوا اى خرجوا من دين الله واستحلوا القتال مع خليفة رسول الله عليه السلام وهم عبد الله ابن وهب الراسى وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية وتعرف تلك الواقعة بيوم النهروان هى من ارض العراق على اربعة فراسخ من بغداد فَمَنْ أَسْلَمَ پس هر كه كردن نهاد. امر خدايرا همچنانچهـ ما كرده ايم قال سعدى المفتى يجوز أن يكون من كلام الجن ويجوز أن يكون مخاطبة من الله لرسوله ما فيما بعده من الآيات فَأُولئِكَ اشارة الى من اسلم والجمع باعتبار المعنى تَحَرَّوْا التحري فى الأصل طلب الأحرى والأليق قولا او فعلا اى طلبوا وقصدوا رَشَداً يقال رشد كنصر وفرح رشد او رشد إرشادا اهتدى كما فى القاموس