والثانية انى لا ارفع أرزاقهم الى غيرهم وهم يرفعون عملهم الى غيرى. والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى. والرابعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العزة من سواى. والخامسة انى خلقت النار لكل كافروهم يجتهدون ان يوقعوا أنفسهم فيها فمن اتبع هوى النفس ولم يهتم لتزكيتها فقد سعى فى الحاق نفسه بزمرة الأعداء فلم يكن منصورا البتة إذ لا يحصل من الجسارة الا الخسارة والهوى مقتضى النفس والنفس ظلمانية ولا يتولد من الظلماني الا الظلمة: قال فى المثنوى
عكس نورانى همه روشن بود ... عكس ظلمانى همه كلخن بود
عكس هر كس را بدان اى دوربين ... پهلوى جنسى كه خواهى مى نشين
فعلى المؤمن ان يجتهد بالصوم والصلاة ووجوه العبادات الى ان يزكى نفسه عن سفساف الأخلاق ويغلب الأعداء الباطنة والغلبة عليها مفتاح الغلبة على الأعداء الظاهرة ولذاترى الأنبياء والأولياء منصورين مظفرين على كل حال وهذه النصرة والولاية من آثار عناية الله السابقة فكما ان من رش عليه من نور الأزل لم ير ظلمة ابدا كذلك من لم يهتد بذلك النور فى بداية الأمر لم يصل الى المراد الى آخر العمر: قال الحافظ
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- روى- ان رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المؤمنين يوادونهما فنهاهم الله تعالى عن الموالاة وقال لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً قوله الذين اتخذوا مفعول أول لقوله لا تتخذوا ومفعوله الثاني قوله اولياء ودينكم مفعول أول لقوله اتخذوا وهزؤا مفعوله الثاني. والهزؤ السخرية والاستهزاء واللعب بالفارسية [بازي] ومعنى اتخاذهم دين المسلمين مهزوا به وتلاعبهم به اظهارهم ذلك باللسان مع الإصرار على الكفر فى القلب وقد رتب النهى عن موالاتهم على اتخاذهم دينهم هزؤا ولعبا ايماء الى العلة وتنبيها على ان من هذا شأنه جدير بالمعاداة فكيف بالموالاة مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ بيان للمستهزئين ومن قبلكم متعلق باوتوا وَالْكُفَّارَ بالنصب عطف على الموصول الاول والمراد المشركون خصوا به لتضاعف كفرهم فالنهى عن موالاة من ليس على الحق رأسا سواء من كان ذادين تبع فيه الهوى وحرفه عن الصواب كاهل الكتاب ومن لم يكن كالمشركين أَوْلِياءَ وجانبوهم كل المجانبة وَاتَّقُوا اللَّهَ فى ذلك بترك موالاتهم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اى حقا لان الايمان يقتضى الاتقاء وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها اى الصلاة او المناداة هُزُواً وَلَعِباً كان المؤذنون إذا أذنوا للصلاة تضاحكت اليهود فيما بينهم وتغامزوا سفها واستهزاء بالصلاة وتجهيلا لاهلها وتنفيرا للناس عنها وعن الداعي إليها ذلِكَ اى الاستهزاء المذكور المستقر بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ اى بسبب عدم عقلهم فان السفه يؤدى الى الجهل بمحاسن الحق والهزء به ولو كان لهم عقل فى الجملة لما اجترءوا على تلك العظيمة: وفى المثنوى
كشتى بي لنگر آمد مرد شر ... كه ز باد كژ نيابد او حذر