قويا قاتلهم الله وانما عبر عن الاخذ بالأكل مع ان المذموم منهم مجرد أخذها بالباطل اى بطريق الارتشاء سواء أكلوا ما أخذوه أو لم يأكلوا بناء على ان الاكل معظم الغرض من الاخذ وَيَصُدُّونَ اى يمنعون الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن دين الإسلام او يعرضون عنه بانفسهم بأكلهم الأموال بالباطل وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ اى يجمعونهما ويحفظونهما سواء كان ذلك بالدفن او بوجه آخر والكنز فى كلام العرب هو الجمع وكل شىء جمع بعضه الى بعض فهو مكنوز يقال هذا جسم مكتنز الاجزاء إذا كان مجتمع الاجزاء وسمى الذهب ذهبا لانه يذهب ولا يبقى وسميت فضة لانها تنفض اى تنفرق ولا تبقى وحسبك بالاسمين دلالة على فنائهما وانه لا بقاء لهما- يقال- لما خرج آدم عليه السلام من الجنة بكى له كل شىء فيها إلا شجرة العود والذهب والفضة فقال الله تعالى لو كان فى قلوبكم رأفة لبكيتم من خوفى ولكن من قسا قلبه أحرقته بالنار وعزتى وجلالى لا يصاغ منكم حلقة ولا دينار ولا درهم ولا سوار الا بتوقد النار وأنت يا شجرة العود لا تبرحي فى النار والأحزان الى يوم القيامة. ثم المراد بالموصول ما يعم الكثير من الأحبار والرهبان وغيرهم من المسلمين الكانزين الغير المنفقين وهو مبتدأ خبره فبشرهم وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى لا ينفقون منها اى يؤدون زكاتها ولا يخرجون حق الله منها فحذف من وأريد إثباتها بدليل قوله تعالى فى آية اخرى خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً وقال عليه السلام (فى مائتى درهم خمسة دراهم وفى عشرين مثقالا من الذهب نصف مثقال) ولو كان الواجب انفاق جميع المال لم يكن لهذا التقدير وجه كما فى تفسير الحدادي وانما قيل ولا ينفقونها مع ان المذكور شيآن لان المراد بهما دنانير ودراهم كثيرة وقيل الضمير يعود على الأموال او على الكنوز المدلول عليها بالفعل او على الفضة لكونها اقرب فاكتفى ببيان أحدهما عن بيان الآخر ليعلم بذلك كقوله تعالى وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وكذا الكلام فى قوله عَلَيْها الآتي فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وضع الوعيد لهم بالعذاب موضع البشارة بالتنعم لغيرهم يَوْمَ منصوب بعذاب يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ يقال حميت النار اى اشتدت حرارتها اى يوم توقد النار الحامية اى الشديدة الحرارة على تلك الدنانير والدراهم وعليها فى موضع رفع لقيامه مقام الفاعل فَتُكْوى [پس داغ كرده شود] بِها [بدان دينارها ودرمهاى سوزان] جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ وانما تكوى هذه الأعضاء دون غيرها لان الغنى إذا رأى الفقير الطالب للزكاة كان يعبس جبهته وإذا بالغ فى السؤال يعرض عنه بجنبه وإذا بالغ يقوم من موضعه ويولى ظهره ولم يعطه شيأ غالبا أو لأن مقصود الكانز من جميع المال لما كان طلب الوجاهة بالغنى تعلق الكي بأعلى وجهه وهو الجبهة ولما قصد به ايضا التنعم بالمطاعم الشهية التي ينتفخ بسببها جنباه وبالملابس البهية التي يلقيها على ظهره تعلق الكي بالجنوب والظهور ايضا هذا ما كَنَزْتُمْ اى يقال لهم حين الكي فى ذلك اليوم هذا ما جمعتم فى دار الدنيا لِأَنْفُسِكُمْ اى لمنفعتها فكان عين مضرتها وسبب تعذيبها فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ