للكل لانهم المنتفعون بذلك وفى التأويلات النجمية (خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) لمرآتية صفات الحق تعالى ليكون مظهرها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) اى فى السموات والأرض آية حق مودعة ولكن (لِلْمُؤْمِنِينَ) الذين ينظرون بنور الله فان النور لا يرى الا بالنور ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور
جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات
فعلى العاقل النظر الى آثار رحمة الله والتفكر فى عجائب صنعه وبدائع قدرته حتى يستخرج الدر من بحار معرفته- روى- ان داود عليه السلام دخل فى محرابه فرأى دودة صغيرة فتفكر فى خلقها وقال ما يعبأ الله بخلق هذه فانطقها الله تعالى فقالت يا داود أتعجبك نفسك وانا على ما انا والله اذكر الله واشكره اكثر منك على ما آتاك الله- وحكى- ان رجلا رأى خنفساء فقال ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه أحسن شكلها أم طيب ريحها فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادى فى الدرب فقال هاتوه حتى ينظر فى امرى فقالوا ما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بد لى منه فلما احضروه ورأى القرحة استدعى الخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العليل القول الذي سبق منه فقال احضروا ما طلب فان الرجل على بصيرة فاحرقها ووضع رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد أن يعرفنى ان اخس المخلوقات أعز الادوية كذا فى حياة الحيوان فظهر ان الله تعالى ما خلق شيأ باطلا بل خلق الكل حقا مشتملا على المصلحة سواء عرفها الإنسان او لم يعرفها واللائق بشأن المؤمن ان يسلك طريق التفكر ثم يترقى منه حتى يرى الأشياء على ما هى عليه كما هو شان ارباب البصيرة. وقد قالوا المشاهدة ثمرة المجاهدة فلا بد من استعمال العقل وسائر القوى وكذا الأعضاء فبالخدمة تزداد الحرمة ويحصل الانكشاف وتزول الحيرة ويجيىء الاطمئنان: قال المولى الجامى
بى طلب نتوان وصالت يافت آرى كى دهد ... دولت حج دست جز راه بيابان برده را
ومعنى الطلب ليس القصد القلبي والذكر اللساني فقط بل الاجتهاد بجميع الظاهر والباطن بقدر الإمكان وهو وظيفة الإنسان ثم الفتح بيد الله ان شاء أراه ملكوت السموات والأرض وجعله مكاشفا ومعاينا ومحققا واحدا وان شاء أوقفه فى مقامه واقل الأمر حصول التفكر بالعقل المودع ويلزم شكره فان الله تعالى أخرجه بذلك عن دائرة الغافلين المعرضين اللهم اجعلنا من المتفكرين المتيقظين والمدركين لحقائق الأمور فى كل شىء من خلق السموات والأرضين اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ التلاوة القراءة على سبيل التوالي والإيحاء اعلام فى الخفاء ويقال للكلمة الالهية التي تلقى الى الأنبياء والأولياء وحي. والمعنى اقرأ يا محمد ما انزل إليك من القرآن تقربا الى الله بقراءته وتحفظا لنظمه وتذكرا لمعانيه وحقائقه فان القارئ المتأمل ينكشف له فى كل مرة ما لم ينكشف قبل وتذكيرا للناس وحملالهم على العمل بما فيه من الاحكام ومحاسن الآداب ومكارم الأخلاق كما روى ان عمر رضى الله عنه اتى بسارق فامر بقطع يده فقال لم تقطع يدى وكان جاهلا بالاحكام فقال له عمر بما امر الله فى كتابه