على الباطل قالُوا فى جواب هارون لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ لن نزال على العجل وعبادته عاكِفِينَ مقيمين قال الراغب العكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم قال فى الكبير رحمته تعالى خلصتهم من آفات فرعون ثم انهم لجهلهم قابلوه بالتقليد فقالوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى اى لا نقبل حجتك وانما نقبل قول موسى وقال فى الإرشاد وجعلوا رجوعه عليه السلام إليهم غاية لعكوفهم على عبادة العجل لكن لا على طريق الوعد بتركها عند رجوعه بل بطريق التعلل والتسويف وقد دسوا تحت ذلك انه عليه السلام لا يرجع بشئ مبين تعويلا على مقابلة السامري- روى- انهم لما قالوه اعتزلهم هارون فى اثنى عشر الفا وهم الذين لم يعبدوا العجل فلما رجع موسى وسمع الصياح وكانوا يرقصون حول العجل قال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة فقال لهم ما قال وسمع منهم ما قالوا وفى التأويلات النجمية لم يسمعوا قول هارون لانهم عن السمع الحقيقي لمعزولون فلهذا قالُوا لَنْ نَبْرَحَ إلخ وفيه اشارة الى ان المريد إذا استسعد بخدمة شيخ كامل واصل وصحبه بصدق الارادة ممتثلا لاوامره ونواهيه قابلا لتصرفات الشيخ فى إرشاده يصير بنور ولايته سميعا بصيرا يسمع ويرى من الاسرار والمعاني بنور ولاية الشيخ ما لم يكن يسمع ويرى ثم ان ابتلى بمفارقة صحبة الشيخ قبل أوانه يزول عنه نور الولاية او يحتجب بحجاب ما ويبقى أصم وأعمى كما كان حتى يرجع الى صحبة الشيخ ويتنور بنور ولايته قالَ استئناف بيانى كأنه قيل فما قال لهارون حين سمع جوابهم له وهل رضى بسكوته بعد ما شاهد منهم ما شاهد فقيل قال له وهو مغتاظ وقد أخذ بلحيته ورأسه وكان هارون طويل الشعر يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا اخطأوا طريق عبودية الله بعبادة العجل وبلغوا من المكابرة الى ان شافهوك بالمقالة الشنعاء أَلَّا تَتَّبِعَنِ لا مزيدة وهو مفعول ثان لمنع وهو عامل فى إذ اى أي شىء منعك حين رؤيتك لضلالهم من ان تتبعنى فى الغضب لله والمقاتلة مع من كفر به وان تأتى عقبى وتلحقنى وتخبرني لأرجع إليهم لئلا يقعوا فى هلاك هذه الفتنة او غير مزيدة على ان منعك مجاز عن دعاك. والمعنى ما دعاك الى ترك اتباعى وعدمه فى شدة الغضب لله ولدينه ونظير لا هذه قوله ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ فى الوجهين قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان موسى لما كان بالميقات مستغرقا فى بحر شواهد الحق ما كان يرى غير الحق ولم يكن محتجبا بحجب الوسائط حتى ان الله تعالى ابتلاه بالوسائط بقوله فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ أضاف الفتنة الى نفسه وأحال الإضلال الى السامري اختبارا ليعلم منه انه هل يرى غير الله مع الله فى أفعاله الخير والشر فما التفت الى الوسائط وما رأى الفعل فى مقام الحقيقة على بساط القربة الا منه وقال فى جوابه إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أضاف الفتنة والإضلال اليه تعالى مراعيا حق الحقيقة على قدم الشريعة الى نور الحقيقة قال يا هارون أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي اى بالصلابة فى الدين والمحاماة عليه كما عصى هؤلاء القوم امرى وامر الله فان قوله عليه السلام اخْلُفْنِي متضمن للامر بهما حتما فان الخلافة لا تتحقق الا بمباشرة الخليفة ما كان يباشره المستخلف لو كان حاضرا والهمزة للانكار