على اهل الدنيا معيشتها فكيف بمن هو طعامه وشرابه وليس له طعام غيره إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ تعليل لاستحقاقهم ما ذكر من فنون العذاب بتقليد الآباء فى الدين من غير ان يكون لهم ولآبائهم شىء يتمسك به أصلا. والالفاء بالفاء الوجدان: وبالفارسية [يافتن] وضالين مفعول ثان لقوله الفوا بمعنى وجدوا. والمعنى وجدوهم ضالين فى نفس الأمر عن الهدى وطلب الحق ليس لهم ما يصلح شبهة فضلا عن صلاحية الدليل فَهُمْ اى الكافرون الظالمون عَلى آثارِهِمْ اى آثار الآباء جمع اثر بالفارسية [پى] يُهْرَعُونَ يسرعون من غير ان يتدبروا انهم على الحق اولا مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل والاهراع. الاسراع الشديد كأنهم يزعجون ويحثون حثا على الاسراع على آثارهم وَلَقَدْ جواب قسم اى وبالله لقد ضَلَّ [كمراه شد] قَبْلَهُمْ اى قبل قومك قريش أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ من الأمم السابقة أضلهم إبليس ولم يذكر لان فى الكلام دليلا فاكتفى بالاشارة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ [وبتحقيق ما فرستاديم در ميان ايشان] يعنى الأكثرين مُنْذِرِينَ اى أنبياء اولى عدد كثير ذوى شأن خطير بينوا لهم بطلان ما هم عليه وانذروهم عاقبته الوخيمة فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ اى آخر امر الذين انذروا من الهول والفظاعة والهلاك لما لم يلتفتوا الى الانذار ولم يرفعوا لهم رأسا. والخطاب اما للرسول او لكل أحد ممن يتمكن من مشاهدة آثارهم وسماع اخبارهم وحيث كان المعنى انهم اهلكوا إهلاكا فظيعا استثنى منهم المخلصون بقوله تعالى إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ اى الذين أخلصهم الله بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الانذار يعنى انهم نجوا مما أهلك به كفار الأمم الماضية وفى الآية تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ببيان انه تعالى أرسل قبله رسلا الى الأمم الماضية فانذروهم بسوء عاقبة الكفر والضلال فكذبهم قومهم ولم ينتهوا بالإنذار وأصروا على الكفر والضلال فصبر الرسل على اذاهم واستمروا على دعوتهم الى الله تعالى فاقتدبهم وما عليك الا البلاغ ثم ان عاقبة الإصرار الهلاك وغاية الصبر النجاة والفوز بالمراد فعلى العاقل تصحيح العمل بالإخلاص وتصحيح القلب بالتصفية قال الواسطي مدار العبودية على ستة أشياء التعظيم والحياء والخوف والرجاء والمحبة والهيبة. فمن ذكر التعظيم يهيج الإخلاص. ومن ذكر الحياء يكون العبد على خطرات قلبه حافظا. ومن ذكر الخوف يتوب العبد من الذنوب ويأمن من المهالك. ومن ذكر الرجاء يسارع الى الطاعات. ومن ذكر المحبة يصفو له الأعمال. ومن ذكر الهيبة يدع التملك والاختيار ويكون تابعا فى إرادته لارادة الله تعالى ولا يقول الا سمعنا واطعنا وقد صح ان ذا القرنين لما دخل الظلمات قال لعسكره ليرفع كل منكم من الأحجار التي تحت أقدام الافراس فانها جواهر فمن رفع بلغ نهاية الغنى ومن خالف وأنكر ندم وبقي فى التحسر ابدا
كاشكى بهر امتحان بارى ... كردمى نان ذخيره مقدارى
تا كنون نقد وقت من كشتى ... وقتم اينسان بمقت نكذشتى