للمتقدمين ووقوع عين القيامة للمتأخرين كما أوعد نوح عليه السلام بالطوفان فلم يدركه بعضهم بل هلك قبله وغرق فى طوفان الموت وبحر البلاء قال بعض اهل المعرفة قل ان أدرى أقريب ما توعدون فى القيامة الصغرى من الفناء الصوري والموت الطبيعي الاضطراري والدخول فى نار الله الكبرى عند البعث لعدم الوقوف على قدر الله او فى الكبرى من الموت لارادى والفناء الحقيقي لعدم الوقوف على قوة الاستعداد فيقع عاجلا أم ضرب الله غاية وأجلا عالِمُ الْغَيْبِ وحده وهو خبر مبتدأ محذوف اى هو عالم لجميع ما غاب عن الحس على ان اللام للاستغراق والجملة استئناف مقرر لما قبله من عدم الدراية فَلا يُظْهِرُ آگاه نكند عَلى غَيْبِهِ أَحَداً الفاء لترتيب عدم الإظهار على تفرده تعالى بعلم الغيب على الإطلاق اى فلا يطلع على غيبه اطلاعا كاملا ينكشف به جلية الحال انكشافا تاما موجبا لعين اليقين أحد من خلقه إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ الارتضاء پسنديدن وأصله تناول مرضى الشيء اى الا رسولا ارتضاه واختاره لا ظهاره على بعض غيوبه المتعلقة برسالته كما يعرب عنه بيان من ارتضى بالرسول تعلقا ما اما لكونه من مبادى رسالته بان يكون معجزة دالة على صحتها واما لكونه من أركانها وأحكامها كعامة التكاليف الشرعية التي امر بها المكلفون وكيفيات أعمالهم واجزيتها المترتبة عليها فى الآخرة وما تتوقف هى عليه من احوال الآخرة التي من جملتها قيام الساعة والبعث وغير ذلك من الأمور الغيبية التي بيانها من وظائف الرسالة واما ما لا يتعلق بها على أحد الوجهين من الغيوب التي من جملتها وقت قيام الساعة فلا يظهر عليه أحدا أبدا على ان بيان وقته مخل بالحكمة التشريعية التي عليها يدور فلك الرسالة وليس فيه ما يدل على نفى كرامات الأولياء المتعلقة بالكشف فان اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم أصلا ولا يدعى أحد لاحد من الأولياء ما فى مرتبة الرسل من الكشف الكامل الحاصل بالوحى الصريح بل اطلاعهم بالأخبار الغيبى والتلقف من الحق فيدخل فى الرسول وارثه قال الجنيد قدس سره قعد على غلام نصرانى متنكرا وقال أيها الشيخ ما معنى قوله عليه السلام اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال فأطرقت رأسى ورفعت فقلت اسلم اسلم فقد حان وقت إسلامك فأسلم الغلام فهذا اما بطريق الفراسة او بغيرها من انواع الكشوف وخرج من البين اهل الكهانة والتنجيم لانهم ليسوا من اهل الارتضاء والاصطفاء كالانبياء والأولياء فليس اخبارهم بطريق الإلهام والكشف بل بالأمارات والظنون ونحوها ولذا لا يقع أكثرها الا كاذبا ومن قال أنا اخبر من اخبار الجن يكفر لان الجن كالانس لا تعلم غيبا وقد سبق ان الكهانة انقطعت اليوم فلا كهانة أبدا لان الشياطين منعوا من السماء قال ابن الشيخ انه تعالى لا يطلع على الغيب الذي يختص به علمه الا المرتضى الذي يكون رسولا وما لا يختص به يطلع عليه غير الرسول اما بتوسط الأنبياء او بنصب الدلائل وترتيب المقدمات او بأن يلهم الله بعض الأولياء وقوع بعض المغيبات فى المستقبل بواسطة الملك فليس مراد الله بهذه الآية ان لا يطلع أحدا على شىء من المغيبات الا الرسل لظهور أنه تعالى قد يطلع على شىء