للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد موت النفس فالروح وقواه تقربها والنفس وصفاتها تنكرها لانها جاهلة فضلا عن كونها ذائقة ومن لم يذق لم يعرف (قال الكمال الخجندي)

زاهد تعجب كر كند از عشق تو پرهيز ... كين لذت اين باده چهـ داند كه نخوردست

فطوبى للذائقين ويا حسرة للمحرومين كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ردع كما يستفاد من كلا ووعيد كما يستفاد من سيعلمون اى ليس امر البعث مما ينكر او يشك فيه بحيث يتساءل عنه سيعلمون ان ما يتساءلون عنه حق لا دافع له واقع لا ريب فيه مقطوع لا شك فيه ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ تكرير للردع والوعيد للمبالغة فى التأكيد والتشديد وثم للدلالة على ان الوعيد الثاني ابلغ وأشد يعنى ان ثم موضوعة للتراخى الزمانى وقد تستعمل مجازا فى التراخي الرتبى اى لتباعد ما بين المعطوفين فى الشدة والفظاعة وذلك لتشبيه التباعد الرتبى بالتراخي الزمانى فى الاشتمال على مطلق التباعد بين الامرين والمعنى المجازى هو المراد هنا لان المقام مقام التشديد والتهديد وذلك انما يكون آكد بالحمل عليه وبعضهم حملها على معناها الحقيقي فقال سيعلمون حقيته عند النزع ثم فى يوم القيامة ولا شك ان القيامة متراخية بحسب الزمان عن وقت النزع او سيعلمون حقية البعث حين ان يبعثوا من قبورهم ثم حقية الجزاء بحسب العمل هذا وقد حمل اختلافهم فيه على مخالفتهم للنبى عليه السلام بأن يعتبر فى الاختلاف محض صدور الفعل عن المتعدد لا على مخالفة بعضهم لبعض من الجانبين لان الكل وان استحق الردع والوعيد لكن استحقاق كل جانب لهما ليس لمخالفته للجانب الآخر إذ لا حقية فى شىء منهما حتى يستحق من يخالفه المؤاخذة بل لمخالفته له عليه السلام فكلا ردع لهم عن التساؤل والاختلاف بالمعنيين المذكورين وسيعلمون وعيد لهم بطريق الاستئناف وتعليل للردع والسين للتقريب والتأكيد وليس مفعوله ما ينبئ عنه المقام من وقوع ما يتساه لون عنه ووقوع ما يختلفون فيه بل هو عبارة عما يلاقونه من فنون الدواهي والعقوبات والتعبير عن لقائها بالعلم لوقوعه فى معرض التساؤل والاختلاف والمعنى ليرتدهوا عما هم عليه فانهم سيعلمون عما قليل حقيقة الحال إذا حل بهم العذاب والنكال أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً إلخ استئناف مسوق لتحقيق النبأ والمتساءل عنه بتعداد بعض الشواهد الناطقة بحقيته اثر ما نبه عليها بما ذكر من الردع والوعيد ومن هنا اتضح ان المتساءل عنه هو البعث لا القرآن او نبوة النبي عليه السلام كما قيل والهمزة للتقرير والمهاد البساط والفراش وفى بعض الآيات جعل لكم الأرض فراشا قال ابن الشيخ المهاد مصدر ماهدت بمعنى مهدت كسافرت بمعنى سفرت اطلق على الأرض الممهودة اى ألم نجعل الأرض بساطا ممهودا تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه وبالفارسية آيا نساخته ايم زمين را فراشى كسترده تا قراركاه شما بود وجاى تقلب.

ومهادا مفعول ثان لجعل ان كان الجعل بمعنى التصيير وحال مقدرة ان كان بمعنى الخلق وجوز ان يكون جمع مهد ككعاب وكعب وجمعه لاختلاف أماكن الأرض من القرى والبلاد وغيرها او للتصرف فيها بأن جعل بعضها مزارع وبعضها مساكن الى غير ذلك وقرئ مهدا على تشبيهها بمهد الصبى وهو ما يمهدله فينوم عليه تسمية للممهود بالمصدر وَالْجِبالَ أَوْتاداً

<<  <  ج: ص:  >  >>