للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أيها الكافرون وفى الوتر بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وبه عمل الشافعي ومالك رحمهما الله وما عند أبى حنيفة واحمد والمستحب فى الثالثة الإخلاص فقط تمت سورة الأعلى يوم الاثنين الخامس عشر من شهر المولد فى سنة سبع عشرة ومائة وألف

[تفسير سورة الغاشية]

ست وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قال قطرب من ائمة النحو أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية قال المولى أبو السعود رحمه الله فى الإرشاد وليس بذاك بل هو استفهام أريد به التعجيب مما فى حيزه والتشويق الى استماعه والاشعار بانه من الأحاديث البديعة التي حقها ان يتناقلها الرواة ويتنافس فى تلقيها الوعاة من كل حاضر وباد والغاشية الداهية الشديدة التي تغشى الناس بشدائدها وتكتنفم بأهوالها وهى القيامة كما قال تعالى يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم وقال يوما كان شره مستطيرا يقال غشيه يغشاه اى غطاه وكل ما أحاط بالشيء من جميع جهاته فهو عاش له وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن الاستفهام التشويقى كأنه قيل من جهته عليه السلام ما أتانى حديثها ما هو فقيل وجوه يومئذ وهو ظرف لما بعده من الاخبار الثلاثة اى يوم إذ غشيت تلك الداهية الناس فان الخشوع والخضوع والتطامن والتواضع كلها بمعنى ويكنى بالجميع عما يعترى بالإنسان من الذل والخزي والهوان فوجوه مبتدأ ولا بأس بتنكيرها لانها فى موقع التنويع وخاشعة خبره قال الشيخ لعل وجه الابتداء بالنكرة كون تقدير الكلام اصحاب وجوه بالاضافة الا ان الخشوع والذل لما كان يظهر فى الوجه حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه وانما قلنا ان الذل يظهر فى الوجه لانه ضد التكبر الذي محله الرأس والدماغ والمراد باصحاب الوجوه هم الكفار بدلالة ما بعده من الأوصاف عامِلَةٌ ناصِبَةٌ خبر ان آخران لوجوه إذا المراد بها أصحابها كما أشير اليه آنفا والنصب التعب والناصبة التعبة يقال نصب نصبا من باب علم إذا تعب فى العمل والمعنى تعمل أعمالا شاقة تتعب فيها لانها تكبرت عن العمل لله فى الدنيا فاعملها الله فى اعمال شاقة وهى جر السلاسل والاغلال الثقيلة كما قال فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا والخوض فى النار خوض الإبل فى الوحل اى الطين الرقيق والصعود فى تلال النار والهبوط فى وهادها وقال بعضهم خشوع الظاهر ونصب الأبدان لا يقربان الى الله تعالى بل يقطعان عنه وانما يقرب منه سعادة الأزل وخشوع السر من هيبة الله وهو الذي يمنع صاحبه من جميع المخالفات فالرهابنة والفلاسفة وأضرابهم من اهل الكفر والبدع والضلال انما يضربون حديدا باردا ويتعبون أنفسهم فى طريق الهوى والسعى فيه تَصْلى تدخل ناراً وتذوق ألمها حامِيَةً اى متناهية فى الحر وقد أو قدت ثلاثة آلاف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>