يشير الى ان تعلم العلم اللدني بالحال فى الصحبة والمتابعة والتسليم لا بالقال والسؤال وفى السؤال الانقطاع عن الصحبة فافهم جدا فلما عاد فى الثالثة الى السؤال وقال لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ثم قال عَفَا اللَّهُ عَنْها اى عما سألتم وطلبتم من علوم الحقائق بالقال قبل نزول هذه الآية وَاللَّهُ غَفُورٌ لمن تاب ورجع الى الله فى طلب علوم الحقائق بالقال والسؤال حَلِيمٌ لمن يطلب بالحال يحلم عنهم فى أثناء ما يصدر منهم مما ينافى امر الطلب الى ان يوفقهم لما يوافق الطلب ثم قال قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ يعنى من مقدمى الفلاسفة فقد شرعوا فى طلب العلوم الالهية بالقال ونظر العقل فوقعوا فى اودية الشبهات ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ اى بسبب الشبهات التي وقعوا فيها بتتبع القيل والقال وكثرة السؤال وترك متابعة الأنبياء عليهم السلام كذا فى التأويلات النجمية ما جَعَلَ اللَّهُ هو الجعل التشريعي ويتعدى الى واحد اى ما شرع وما وضع وما سن مِنْ مزيدة لتأكيد النفي بَحِيرَةٍ كان اهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة ابطن آخرها ذكر بحروا اذنها اى شقوها وحرموا ركوبها ودرها ولا تطرد عن ماء ولا مرعى فهى فعيلة من البحر وهو الشق بمعنى المفعولة وَلا سائِبَةٍ كان الرجل منهم يقول إذا قدمت من سفرى او برئت من مرضى فناقتى سائبة وجعلها كالبحيرة فى تحريم الانتفاع بها فهى فاعلة من قولهم ساب الماء يسيب سيبا إذا جرى على وجه الأرض ويقال ايضا سابت الحية فالسائبة هى التي تركت حتى تسيب حيث شاءت وَلا وَصِيلَةٍ كانوا إذا ولدت الشاة أنثى فهى لهم وان ولدت ذكرا فهو لآلهتهم وان ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها واستحيوا الذكر من أجل الأنثى فلا يذبح لآلهتهم. فمعنى الآية ما جعل الله أنثى تحلل ذكرا محرما عند الانفراد فهى فعيلة بمعنى فاعلة وَلا حامٍ كانوا إذا نتجت من صلب الفحل عشرة ابطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى فهو اسم فاعل من حمى يحمى اى منع يقال حماه يحميه إذا حفظه وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ اى يكذبون عمدا حيث يفعلون ما يفعلون ويقولون الله أمرنا بهذا وامامهم عمرو بن لحى الخزاعي فانه كان اقدم من ملك مكة وكان أول من غير دين إسماعيل فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان وشرع البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى- روى- انه عليه السلام قال فى حقه (رأيت عمرو بن لحى الخزاعي يجر قصبه فى النار يؤذى اهل النار بريح قصبه) والقصب المعى هذا شأن رؤسائهم وكبارهم وَأَكْثَرُهُمْ وهم أراذلهم الذين يوقعونهم فى معاصى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَعْقِلُونَ انه افتراء باطل حتى يخالفوهم ويهتدوا الى الحق بانفسهم فيبقون فى اسر التقليد وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى للاكثر على سبيل الهداية والإرشاد تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتاب المبين للحلال والحرام وَإِلَى الرَّسُولِ الذي انزل هو عليه لتقفوا على حقيقة الحال وتميزوا الحرام من الحلال قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا بيان لعنادهم واستعصائهم على الهادي الى الحق وانقيادهم للداعى الى الضلال. وحسبنا مبتدأ وما وجدنا خبره وهو فى الأصل مصدر والمراد