وخاصته وقال بعضهم الوزير الذي برجع اليه ويتحصن برأيه من الوزر بالتحريك وهو ما يلتجأ اليه ويعتصم به من الجبل ومنه قوله تعالى (كَلَّا لا وَزَرَ) اى لا ملجأ يوم القيامة والوزر بالكسر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل لقوله (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) وقوله (لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) والوزير بالفارسية [يار ومددكار وكارساز] فان قلت كون هارون وزيرا كالمنافى لكونه شريكا فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لأن المتشاركين فى الأمر متوازران عليه فَقُلْنَا لهما حينئذ اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا هم فرعون وقومه اى القبط والآيات هى المعجزات التسع المفصلات الظاهرة على يد موسى عليه السلام ولم يوصف القوم عند إرسالهما إليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات عن إظهارها المتأخر عن الأمر به بل انما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا لعلة استحقاقهم لما يحكى بعده من التدمير ويقال بآياتنا التكوينية اى بالعلامات التي خلق الله فى الدنيا ويقال بالرسل وبكتب الأنبياء الذين قبل موسى كما فى قوله (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) فالباء على كل تقدير متعلقة بكذبوا لا باذهبا وان كان الذهاب إليهم بالآيات كما فى قوله فى الشعراء (فَاذْهَبا بِآياتِنا) واما التكذيب فتارة يتعلق بالآيات كما فى قوله فى الأعراف (فَظَلَمُوا بِها) اى بالآيات وقوله فى طه (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) وتارة بموسى وهارون كما فى قوله فى المؤمنين (فَكَذَّبُوهُما) فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) التدمير إدخال الهلاك على الشيء والدمار الاستئصال بالهلاك والدمور الدخول بالمكروه وتقدير الكلام فذهبا إليهم فارياهم آياتنا كلها فكذبوهما تكذيبا مستمرا فاهلكناهم اثر ذلك التكذيب المستمر إهلاكا عجيبا هائلا لا يدرك كنهه: وبالفارسية [پس هلاك كرديم ايشانرا هلاك كردنى بإغراق درياى قلزم] فاقتصر على حاشيتى القصة اى أولها وآخرها اكتفاء بما هو المقصود منها وهو الزام الحجة ببعثة الرسل والتدمير بالتكذيب والفاء للتعقيب باعتبار نهاية التكذيب اى باعتبار استمراره والا فالتدمير متأخر عن التكذيب بأزمنة متطاولة وَقَوْمَ نُوحٍ منصوب بمضمر يدل عليه فدمرناهم اى ودمرنا قوم نوح لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ اى نوحا ومن قبله من الرسل كشيث وإدريس او نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب للكل لاتفاقهم على التوحيد والإسلام ويقال ان نوحا كان يدعو قومه الى الايمان به وبالرسل الذين بعده فلما كذبوه فقد كذبوا جميع الرسل كما ثبت ان كل نبى أخذ العهد من قومه ان يؤمنوا بخاتم النبيين ان أدركوا زمانه أَغْرَقْناهُمْ بالطوفان. والإغراق [غرقه كردن] والغرق الرسوب فى الماء اى السفول وهو استئناف مبين لكيفية تدميرهم وَجَعَلْناهُمْ اى إغراقهم وقصتهم لِلنَّاسِ آيَةً عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها او سمعها: وبالفارسية [نشانى وداستانى] وهو مفعول ثان لجعلنا وللناس ظرف لغوله وَأَعْتَدْنا [وآماده كرديم] اى فى الآخرة لِلظَّالِمِينَ اى لهم اى للمغرقين والإظهار فى موقع الإضمار للتسجيل بظلمهم والإيذان بتجاوزهم الحد فى الكفر والتكذيب عَذاباً أَلِيماً سوى ما حلّ