للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع اهل الدنيا- روى- فى الحبر ان رسول الله دخل على مريض يعوده فرأى ملك الموت عند رأسه فقال (يا ملك الموت ارفق به فانه مؤمن) فقال ملك الموت يا محمد ابشر وطب نفسا وقرعينا فانى بكل مؤمن رفيق انى لاقبض روح المؤمن فيصرخ اهله فاعتزل فى جانب الدار فاقول مالى من ذنب وانى مأمور وان لى لعودة فالحذر الحذر وما من اهل بيت مدر ولا وبر فى بر وبحر الا وانا أتصفحهم فى كل يوم خمس مرات حتى انى لا علم بصغيرهم وكبيرهم منهم بانفسهم والله لو أردت ان اقبض روح بعوضة لما قدرت عليها حتى يأمرنى الله تعالى بقبضها قال العلماء الموت ليس بعدم محض ولافناء صرف وانما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما وتبذل حال وانتقال من دار الى دار ولما خلق الله الموت على صورة كبش أملح قال له اذهب الى صفوف الملائكة على هيئتك هذه فلم يبق ملك إلا غشي عليه الفى عام ثم أفاقوا فقالوا يا ربنا ما هذا قال الموت قالوا لمن ذلك قال على كل نفس قالوا لم خلقت الدنيا قال ليسكنها بنوا آدم قالوا لم خلقت النساء قال ليكون النسل قالوا من يسلط عليه هذا هل يشتغل بالنساء والدنيا قال ان طول الأمل ينسيهم الموت حتى يكون منهم أخذ الدنيا وشهوة النساء ولذلك قيل الموت من أعظم المصائب وأعظم منه الغفلة عنه ثُمَّ رُدُّوا عطف على توفته والضمير للكل المدلول عليه بأحدكم اى ردوهم الملائكة بعد البعث إِلَى اللَّهِ اى الى حكمه وجزائه فى موقف الحساب فالرد الى الله ليس على ظاهره لكونه تعالى متعاليا عن المكان والجهة بل هو عبارة عن جعلهم منقادين لحكم الله تعالى مطيعين لقضائه بان يساقوا الى حيث لا مالك ولا حاكم فيه سواه مَوْلاهُمُ اى مالكهم الذي يملك أمورهم على الإطلاق واما قوله تعالى وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ فالمولى فيه بمعنى الناصر فلا تناقض وهو بدل من الجلالة الْحَقِّ الذي لا يقضى الا بالعدل وهو صفة للمولى أَلا اى اعلموا وتنبهوا لَهُ الْحُكْمُ اى القضاء بين العباد يومئذ لاحكم لغيره فيه بوجه من الوجوه وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ يحاسب جميع الخلائق فى اسرع زمان وأقصره لا يشغله حساب عن حساب ولا شأن عن شأن لا يتكلم بآلة ولا يحتاج الى فكرة وروية وعقد يد ومعنى المحاسبة تعريف كل واحد ما يستحقه من ثواب وعقاب قال بعض العلماء المحاسبة لتقدير الأعمال والوزن لاظهار مقاديرها فيقدم الحساب على الميزان ولهذا لا ميزان لمن يدخل الجنة بلا حساب واعلم ان الحشر والحساب لا يكون على وجه الأرض وانما يكون فى الأرض المبدلة وهى ارض بيضاء كالفضة لم يسفك فيهادم ولم يظلم عليها أحد فاذا ثبت الحشر والحساب وان الله تعالى هو المحاسب وجب على العاقل ان يحاسب نفسه قبل ان يناقش فى الحساب لانه هو التاجر فى طريق الآخرة وبضاعته عمره وربحه صرف عمره فى الطاعات والعبادات وخسرانه صرفه فى المعاصي والسيئات ونفسه شريكه فى هذه التجارة وهى وان كانت تصلح للخير والشر لكنها أميل واقبل الى المعاصي والشهوات فلا بد له من مراقبتها ومحاسبتها: قال السعدي قدس سره

تو غافل در انديشه سود ومال ... كه سرمايه عمر شد بايمال

قُلْ يا محمد لاهل مكة مَنْ استفهام يُنَجِّيكُمْ اى يخلصكم ويعطى لكم نجاة

<<  <  ج: ص:  >  >>