رأس ملك عادل مشفق فقبضه واسكنه جنته ورفع درجته ثم وضع يده على رأس ذى القرنين وقال من أي الرأسين يكون رأسك فبكى ذو القرنين وقال ان ترغب في صحبتى شاطرتك مملكتى وسلمت إليك وزارتي فقال هيهات وقال ذو القرنين ولم قال لان الناس اعداؤك بسبب المال والمملكة وجميعهم أحبابي بسبب القناعة: قال السعدي قدس سره
در گوشه قناعت نان پاره و پينه ... در پيش اهل معنى بهتر ز صد خزينه
لَيْسَ الْبِرَّ هو كل فعل مرضى يفضى بصاحبه الى الجنة أَنْ تُوَلُّوا اى ان تصرفوا يا اهل الكتابين وُجُوهَكُمْ فى الصلاة قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اى مقابلهما ظرف مكان لقوله تولوا والبر منصوب على انه خبر مقدم وان تولوا اسمها لكونه فى تأويل المصدر والمصدر المؤول اعرف من المحلى باللام وهو يشبه الضمير من حيث انه لا يوصف ولا يوصف به فالاولى ان يجعل الأعرف اسما وغير الأعرف خبرا وذلك ان اليهود والنصارى أكثروا الخوض في امر القبلة حين حول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الى الكعبة وزعم كل واحد من الفريقين ان البر هو التوجه الى قبلته فرد عليهم وقيل ليس البر ما أنتم عليه فانه منسوخ خارج من البر وَلكِنَّ الْبِرَّ المعهود الذي ينبغى ان يهتم بشأنه ويجد في تحصيله مَنْ اى بر من على حذف المضاف لان اسم لكن من اسماء المعاني وخبرها من اسماء الأعيان فامتنع الحمل لدلك آمَنَ بِاللَّهِ وحده ايمانا بريئا من شائبة الإشراك لا كايمان اليهود والنصارى المشركين بقولهم عزيز ابن الله وقولهم المسيح ابن الله وقدم الايمان بالله في الذكر لانه اصل لجميع الكمالات العلمية والعملية وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال على انه كائن لا محالة وعلى ما هو عليه لا كما يزعمون من انهم لا تمسهم النار الا أياما معدودة وان آباءهم الأنبياء ويشفعون لهم فالبر هو التوجه الى المبدأ والمعاد اللذين هما المشرق والمغرب في الحقيقة ولما كان الايمان باليوم الآخر متفرعا على الايمان بالله لانا ما لم نعلم باستحقاقه الالوهية وقدرته على جميع الممكنات لا يمكننا ان نعلم صحة الحشر والنشر وكان الايمان به محركا وداعيا الى الانقياد بالله في جميع ما امر به ونهى عنه خوفا وطمعا ذكر الايمان به عقيب الايمان بالله وَالْمَلائِكَةِ كلهم بانهم عباد الله ليسوا بذكور ولا إناث ولا بشر ولا أولاد الله مكرمون عنده متوسطون بينه وبين أنبيائه بإلقاء الوحى وإنزال الكتب واليهود أخلوا بذلك حيث أظهروا عداوة جبريل وَالْكِتابِ اى بجنس الكتاب الإلهي الذي من افراده الفرقان واليهود أخلوا بذلك لانه مع قيام الدليل على ان القرآن كتاب الله تعالى ردوه ولم يقبلوه وَالنَّبِيِّينَ جميعا بانهم المبعوثون الى خلقه والقائمون بحقه والصادفون عنه في امره ونهيه ووعده ووعيده واخباره من غير تفرقة بين أحد منهم واليهود أخلوا بذلك حيث قتلوا الأنبياء وطعنوا في نبوة محمد عليه السلام واعلم ان الايمان بالملائكة والكتاب مؤخر عن الايمان بالنبيين الا انه قدم الايمان بهما في الذكر رعاية للترتيب بحسب الوجود الخارجي ولم ينظر الى الترتيب في العلم فان الملك يوجر اولا ثم يحصل بواسطته نزول الكتاب الى الرسل فتدعو الرسل الى ما فيها من الاحكام وهذا اى الايمان بالأمور الخمسة المذكورة اصول الدين