بمشهد من الأرواح وكانتا شيأ واحدا كما جاء فى الحديث المشهور (أول ما خالق الله جوهرة) ويشير بقوله وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ الى انه تعالى خلق حياة كل ذى حياة من الحيوانات من الماء الذي عليه عرشه وذلك ان الجوهرة التي هى مبدأ الموجودات وهى الروح الأعظم خلقت أرواح الإنسان والملك من أعلاها وخلقت أرواح الحيوانات والدواب من أسفلها وهى الماء كما قال وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ وكان ذلك كله بمشهد الأرواح فلذلك قال أَفَلا يُؤْمِنُونَ اى أفلا يؤمنون بما خلقنا بمشهد من أرواحهم انتهى واعلم ان المراد من رؤية الآيات الانتقال منها الى رؤية صانعها رؤية قلبية هى حقيقة الايمان- روى- ان عليا رضى الله عنه صعد المنبر يوما وقال سلونى عما دون العرش فان ما بين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول الله فى فمى هذا ما رزقنى رسول الله رزقا فوالذى نفسى بيده لو اذن للتوراة والإنجيل ان يتكلما فاخبرت بما فيهما لصدّقانى على ذلك وكان فى المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لأفضحنه فقام وقال اسأل قال سل تفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك يا علىّ قال ما كنت اعبد ربا لم أره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقيقة الايمان ربى أحد واحد لا شريك له أحد لا ثانى له فرد لا مثل له لا يحويه مكان ولا يداوله زمان ولا يدرك بالحواس ولا يقاس بالقياس فسقط اليماني مغشيا عليه فلما أفاق قال عاهدت الله ان لا اسأل تعنتا: قال الشيخ المغربي قدس سره
نخست ديده طلب كن پس آنگهى ديدار ... از انكه يار كند جلوه بر أولو الابصار
وقال الخجندي قدس سره
بيدار شو آنكه طلب آن روى كه هركز ... در خواب چنين دولت بيدار نيابى
أزال الله عنا الغين والغفلة والحجاب وفتح بصائرنا الى جناب جمال المهيمن الوهاب انه رب الأرباب ومسبب الأسباب وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ الأرض جسم غليظ اغلظ ما يكون من الأجسام واقف على مركز العالم مبين لكيفية الجهات الست فالشرق حيث تطلع الشمس والقمر والغرب حيث تغيب والشمال حيث مدار الجدى والجنوب حيث مدار سهيل والفوق ما يلى المحيط والأسفل ما يلى مركز الأرض رَواسِيَ جبالا ثوابت جمع راسى من رسا إذا ثبت ورسخ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ الميد اضطراب الشيء العظيم كاضطراب الأرض يقال ماد يميد ميدا إذا تحرك ومنه سميت المائدة وهى الطعام والخوان عليه الطعام كما قال الراغب المائدة الطبق الذي عليه الطعام ويقال لكل واحدة منهما مائدة. والمعنى كراهة ان تميل بهم الأرض وتضطرب والظاهر ان الباء للتعدية كما يفهم من قول بعضهم بالفارسية [تا بجنباند زمين آدميان را] قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الأرض بسطت على وجه الماء فكانت تميد باهلها كما تميد السفينة على الماء فارسلها الله بالجبال الثوابت كما ترسى السفينة بالمرساة وسئل علىّ رضى الله عنه أي الخلق أشد قال أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها يبحث به الجبل والنار تغلب الحديد والماء يطفى النار والسحاب يحمل الماء والريح يحمل