اى على الأبرار إذا أرادوا الشرب والطائف الدائر هو الخدم كما يجيى بِآنِيَةٍ اوعية جمع اناء نحو كساء واكسية والأواني جمع الجمع كما فى المفردات واصل آنية أءنية بهمزتين مثل افعلة قال فى بعض التفاسير الباء فيها ان كانت للتعدية فهى قائمة مقام الفاعل لانها مفعول له معنى والا فالظاهر أن يكون القائم مقامه عليهم مِنْ فِضَّةٍ نسب لآنية وَأَكْوابٍ جمع كوب وهو الكوز العظيم المدور الرأس لا اذن له ولا عروة فيسهل الشرب منه من كل موضع ولا يحتاج عند التناول الى ادارته وهو مستعمل الآن فى بلاد العرب لما وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم وصف شرابهم وقدم عليه وصف الأواني التي يشرب بها وذكره بلفظ المجهول لان المقصود ما يطاف به لا الطائفون ثم ذكر الطائفين بقوله ويطوف إلخ كانَتْ قَوارِيرَا جمع قارورة بالفارسية آبگينه.
وفى القاموس القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ اى تكونت وحدثت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها ولين الفضة وبياضها يرى ما فى داخلها من خارجها فكان تامة وقوارير الاول حال من فاعل كانت على المبالغة فى التشبيه يعنى ان القوارير انما تتكون من الزجاج لا من الفضة فليس المعنى انها قوارير زجاجية متخذة من الفضة بل الحكم عليها بانها قوارير وانها من فضة من باب التشبيه البليغ لانها فى نفسها ليست زجاجا ولا فضة لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة الا الأسماء فثبت ان آنية الجنة مباينة فى الحقيقة لقارورة الدنيا وفضتها ولان قارورة الدنيا سريعة الانكسار والهلاك وما فى الجنة لا يقبل ذلك وفضة الدنيا كثيفة الجوهر لالطافة فيها وما فى الجنة ليس كذلك وان شارك كل واحد منهما الآخر فى بعض الأوصاف فشبهت بالفضة فى بياضها ونقائها وبقائها وبالقارورة فى شفافيتها وصفائها فهى حقيقة مغايرة لهما جامعة لاوصافهما وذلك كاف فى صحة اطلاق اسم القارورة والفضة عليها وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان ارض الجنة من فضة وأواني كل ارض تتخذ من تربه تلك الأرض ويستفاد من هذا الكلام وجه آخر لكون تلك الأكواب من فضة ومن قوارير وهو ان اصل القوارير فى الدنيا الرمل واصل قوارير الجنة هو فضة الجنة فكما ان الله قادر على أن يقلب الرمل الكثيف زجاجة صافية فكذلك قادر على أن يقلب فضة الجنة قارورة صافية بالغرض من ذكر هذه الآية التنبيه على ان نسبة قارورة الجنة الى قارورة الدنيا كنسبة الفضة الرمل فكما انه لا نسبة بين هذين الأصلين فكذا بين القارورتين كذا فى حواشى ابن الشيخ قال بعضهم لعل الوجه فى اختيار كون كانت تامة مع إمكان جعلها ناقصة وقوارير الاول خبر بتكوين الله فيكون فيه تفخيم للآنية بكونها اثر قدرة الله تعالى وقوارير الثاني بدل من الاول على سبيل الإيضاح والتبيين اى قوارير مخلوقة من فضة والجملة صفة لاكواب وقرئ بتنوين قوارير الثاني ايضا وقرئا بغير تنوين وقرئ الثاني بالرفع على هى قوارير قال ابن الجزري وكلهم وقفوا عليه بالألف الا حمزة وورشا وانما صرفه من صرفه لانه وقع فى مصحف