للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلبية سئل سفيان ابن عيينة رحمه الله هل يعلم الملكان الغيب فقال لا فقيل له فكيف يكتبون ما لا يقع من عمل القلب فقال لكل عمل سيما يعرف بها كالمجرم يعرف بسيماه فاذاهم العبد بحسنة فاح من فيه رائحة المسك فيعلمون ذلك فيكتبونها حسنة وإذا هم بسيئة استقر قلبه لها فاح منه ريح النتن وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام الملك لا سبيل له الى معرفة باطن العبد فى قول أكثرهم وقال فى شرح الطريقة يكره الكلام فى الخلاء وعند قضاء الحاجة أشد كراهة لان الحفظة تتأذى بالحضور فى ذلك الموضع الكريه لاجل كتابة الكلام فان سلم عليه فى هذه الحالة قال الامام ابو حنيفة يرد السلام بقلبه لا بلسانه لئلا يلزم كتابة الملائكة فانهم لا يكتبون الأمور القلبية وقال فى ريحان القلوب الذكر الخفي هو ما خفى عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت وهو خاص به صلى الله عليه وسلم ومن له به أسوة حسنة انتهى والله اعلم بتوفيق الاخبار قُلْ للكفرة إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فرضا كما تقولون الملائكة بنات الله فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ولذلك الولد وأسبقكم الى تعظيمه والانقياد له وذلك لانه عليه السلام اعلم الناس بشؤونه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده اى ان يثبت بحجة قطعية كون الولد له تعالى كما تزعمون فانا أولكم فى التعظيم وأسبقكم الى الطاعة تعظيما لله تعالى وانقيادا لان الداعي الى طاعته وتعظيمه أول واسبق فى ذلك وكون الولد له تعالى مما هو مقطوع بعدم وقوعه ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه واللاوقوعه على المساهلة وإرخاء العنان لقصد التبكيت والإسكات والإلزام فجيىء بكلمة ان فلا يلزم من هذا الكلام صحة كينونة الولد وعبادته لانها محال فى نفسها يستلزم المحال يعنى اين سخن بر سبيل تمثيل است ومبالغه در نفى ولد فليس هناك ولد ولا عبادة له وفى التأويلات النجمية يشير الى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالتهم والاستخفاف بعقولهم يعنى قل ان كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بانه ولده فانا كنت أول العابدين له قال جعفر الصادق رضى الله عنه أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم قبل كل شىء وأول من وحد الله تعالى ذرة محمد عليه السلام وأول ما جرى به القلم لا اله الا الله محمد رسول الله قال فانا أول العابدين أحق بتوحيد الله وذكر الله سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فى اضافة اسم الرب الى أعظم الاجرام وأقواها تنبيه على انها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيتة كيف يتوهم ان يكون شىء منها جزأ منه سبحانه رَبِّ الْعَرْشِ فى تكرير اسم الرب تفخيم لشان العرش عَمَّا يَصِفُونَ اى يصفونه به وهو الولد قال فى بحر العلوم اى سبحوا رب هذه الأجسام العظام لان مثل هذه الربوبية توجب التسبيح على كل مربوب فيها ونزهوه عن كل ما يصفه الكافرون به من صفات الأجسام فانه لو كان جسما لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير امره فَذَرْهُمْ اى اترك الكفرة حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلى يَخُوضُوا يشرعوا فى أباطيلهم وأكاذيبهم والخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ويستعار للامور واكثر ما ورد فى القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه كما فى المفردات وَيَلْعَبُوا فى دنياهم فان ماهم فيه من الأقوال والافعال ليست الا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>