بعض الاخبار وَأَصْحابُ الشِّمالِ شروع في تفصيل أحوالهم وهم الكفار لقوله تعالى والذين كفروا بآياتنا هم اصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة ما أَصْحابُ الشِّمالِ اى لا تدرى ما لهم من الشر وشدة الحال يوم القيامة فِي سَمُومٍ اى هم في حر نار تنفذ في المسام وهى ثقب البدن وتحرق الأجساد والأكباد قال في القاموس السموم الريح الحارة تكون غالبا في النهار والحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار وَحَمِيمٍ وهو الماء المتناهي في الحرارة وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ من دخان اسود بهيم فان اليحموم الدخان والأسود من كل شيء كما فى القاموس يفعول من الحمة بالضم وهو الفحم تقول العرب اسود يحموم إذا كان شديد السواد قال الضحاك النار سوداء وأهلها سود وكل شيء فيها اسود ولذا لا يكون في الجنة الأسود الا الخال وأشفار العين والحاجب يقول الفقير فيه تحذير عن شرب الدخان الشائع في هذه الاعصار فانه يرتفع حين شربه ويكون كالظل فوق شاربه مع ما لشربه من الغوائل الكثيرة ليس هذا موضع ذكرها فنسأل الله العافية لمن ابتلى به إذ هو مما يستخبثه الطباع السليمة وهو حرام كما عرف في التفاسير لا بارِدٍ كسائر الظلال وَلا كَرِيمٍ ولا نافع من أذى الحر لمن يأوى اليه نفى بذلك ما أوهم الظل من الاسترواح يعنى انه سماه ظلا ثم نفى عنه وصيفة البرد والكرم الذي عبربه عن دفع الذي الحر لتحقيق انه ليس بظل والكرم صفة لكل ما يرضى ويجرى في بابه والظل يقصد لفائدتين لبرودته ودفع أذى الحر وان لم تحصل الاستراحة بالبرد لعدمه كمن في البيوت المسدودة الأطراف بحيث لا يتحرك فيها الهواء فان من يأوى إليها يتخلص بها من أذى حر الشمس وان لم يستروح ببردها وفيه تهكم باصحاب المشأمة وانهم لا يستأهلون للظل البارد والكريم الذي هولأ ضدادهم في الجنة إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ تعليل لابتلائهم بما ذكر من العذاب يقال ترف كفرح تنعم وأترفته النعمة أطغته وانعمته وفلان أصر على البغي والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء فلا يمنع كما في القاموس اى انهم كانوا قبل ما ذكر من سوء العذاب في الدنيا منعمين بانواع النعم من المآكل والمشارب والمساكن الطيبة والمقامات الكريمة منهمكين في الشهوات فلا جرم عذبوا بنقائضها وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ اى الذنب العظيم الذي هو الشرك ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث اى الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب وحنث في يمينه خلاف برفيها وقال بعضهم الحنث هنا الكذب لانهم كانوا يحلفون بالله مع شركهم لا يبعث الله من يموت يقول الفقير يدل على هذا ما يأتى من قوله ثم انكم ايها الضالون المكذبون والحكمة في ذكر سبب عذابهم مع انه لم يذكر فى اصحاب اليمين سبب ثوابهم فلم يقل انهم كانوا قبل ذلك شاكرين مذعنين التنبيه على ان ذلك الثواب منه تعالى فضل لا تستوجبه طاعة مطيع وشكر شاكر وان العقاب منه تعالى عدل فاذا لم يعلم سبب العقاب يظن ان هناك ظلما وفي الآية اشارة الى سموم نار البعد والحجاب وحميم القهر والغضب وظل شجرة الجهل ما فيه برد اليقين كسائر الظلال ولا يسكن حرارة عطشهم من طلب الدنيا ولذاتها وما فيه كرم الهمة ايضا حتى يعينهم على ترك الدنيا وزينتها وزخار فهابل لا يزالون يطلبون من الدنيا ما ليس فيها من الاستراحة والاسترواح انهم كانوا قبل ذلك