بذلك الحمد من عباده وفيه اشارة الى ان العبور على الظلمات الجسمانية والأنوار الروحانية هو الطريق الى الله تعالى وهو العزيز الذي لا يصل العبد اليه الا بالخروج من هذه الحجب وهو الحميد الذي يستحق من كمالية جماله وجلاله ان يحتجب بحجب العزة والكبرياء والعظمة اللَّهِ بالجر عطف بيان للعزيز الحميد لانه علم للذات الواجب الوجود الخالق للعالم الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الموجودات من العقلاء وغيرهم وفيه اشارة الى ان سير السائرين الى الله لا ينتهى بالسير فى الصفات وهى العزيز الحميد وانما ينتهى بالسير فى الذات وهو الله فالمكونات أفعاله فمن بقي فى أفعاله لا يصل الى صفاته ومن بقي فى صفاته لا يصل الى ذاته ومن وصل الى ذاته وصولا بلا اتصال ولا انفصال بل وصولا بالخروج من انانيته الى هويته تعالى ينتفع به فى صفاته وأفعاله: قال الكمال الخجندي قدس سره
وصل ميسر نشود جز بقطع ... قطع نخست از همه ببريدنست
وقال المولى الجامى قدس سره
سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت وألهمت لنا إلهاما
ما را برهان ز ما وآگاهى ده ... از سر معينى كه دارى با ما
وَوَيْلٌ الويل الهلاك وقال الكاشفى [رنج ومشقت] وهو مبتدأ خبره قوله لِلْكافِرِينَ بالكتاب وأصله النصب كسائر المصادر الا انه لم يشتق منه فعل لكنه عدل به الى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه فيقال ويل لهم كسلام عليكم مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ من لتبيين الجنس صفة لويل او حال من ضميره فى الخبر او ابتدائية متعلقة بالويل على معنى انهم يولون من عذاب شديد ويضجون منه ويقولون يا ويلاه كقوله تعالى دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ محل الموصول الجر على انه بدل من الكافرين او صفة له. والاستحباب استفعال من المحبة. والمعنى يختارون الحياة الدنيا ويؤثرونها على الحياة الآخرة الابدية فان المؤثر للشئ على غيره كأنه يطلب من نفسه ان يكون أحب إليها وأفضل عندها من غيره قال ابن عباس رضى الله عنهما يأخذون ما تعجل فيها تهاونا بامر الآخرة وهذا من أوصاف الكافر الحقيقي فانه يجد ويجتهد فى طلب الدنيا وشهواتها ويترك الآخرة باهمال السعى فى طلبها واحتمال الكلفة والمشقة فى مخالفة هوى النفس وموافقة الشرع فينبغى للمؤمن الحقيقي ان لا يرضى باسم الإسلام ولا يقنع بالايمان التقليدى فانه لا يخلو عن الظلمات بخلاف الايمان الحقيقي فانه نور محض وليس فيه تغيير أصلا
كى سيه كردد ز آتش روى خوب ... كو نهد كلكونه از تقوى القلوب
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى ويمنعون الناس عن قبول دين الله وفيه اشارة الى ان اهل الهوى يصرفون وجوه الطالبين عن طلب الله ويقطعون عليهم طريق الحق فى صورة النصيحة ويلومون الطلاب على ترك الدنيا والعزلة والعزوبة والانقطاع عن الخلق للتوجه الى الحق وَيَبْغُونَها اى ويبغون لها فحذف الجار وأوصل الفعل الى الضمير اى يطلبون لها عِوَجاً زيغا واعوجاجا اى يقولون لمن يريدون صده وإضلاله انها سبيل