للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة المعراج كيف تجاوز عن كرة الأثير ولم يحترق منه شعر وكانت النار بردا وسلاما على ابراهيم عليه السلام فَلْيَضْحَكُوا ضحكا قَلِيلًا فى الدنيا وهو اشارة الى مدة العمر وعمر الدنيا قليل فكيف عمر من فى الدنيا فانه اقل من القليل وَلْيَبْكُوا بكاء كَثِيراً فى الآخرة فى النار جَزاءً مفعول له للفعل الثاني اى ليبكوا جزاء بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من فنون المعاصي وهذا لفظ امر ومعناه خبر اى يضحكون قليلا ويبكون دائما وانما اخرج فى صورة الأمر للدلالة على تحتم وقوع المخبر به فان امر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عند المأمور به- يروى- ان اهل النفاق يبكون فى النار عمر الدنيا لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم وفى الحديث (يرسل الله البكاء على اهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى ترى وجوههم كهيئة الأخدود) ويجوز ان يكون الضحك كناية عن الفرح والبكاء عن الغم وان تكون القلة عبارة عن العدم والكثرة عن الدوام: يعنى [فردا ايشانرا غمى باشد بي فرح واندوهى بي سرور] فيكون وقت الضحك والبكاء فى الآخرة. ويجوز ان يكون وقتهما فى الدنيا اى هم لما هم عليه من الخطر مع رسول الله وسوء الحال بحيث ينبغى ان يكون ضحكهم قليلا وبكاؤهم من أجل ذلك كثيرا نحو قوله عليه السلام لامته (لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا) قال ابن عمر رضى الله عنهما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فاذا قوم يتحدثون ويضحكون فوقف وسلم عليهم فقال (أكثروا ذكرها ذم اللذات) قلنا وماها ذم اللذات قال (الموت) : قال الصائب

بر غفلت سياه دلان خنده ميزند ... غافل مشو ز خنده داندن نماى صبح

ومر الحسن البصري بشاب وهو يضحك فقال له يا بنى هل مررت على الصراط فقال لا فقال هل تدرى الى الجنة تصير أم الى النار فقال لا فقال ففيم هذا الضحك فما رؤى الفتى بعد ذلك يضحك- قيل- لما فارق موسى الخضر عليهما السلام قال إياك واللجاجة ولا تكن مشاء الا لحاجة ولا ضحاكا من غير عجب كان وابك على خطيئتك يا ابن عمران قال محمد بن واسع إذا رأيت رجلا فى الجنة يبكى ألست تتعجب من بكائه قال بلى قال فالذى يضحك فى الدنيا ولا يدرى الى م يصير هو اعجب منه وعن وهب بن منبه انه قال ان زكريا عليه السلام فقد ابنه يحيى عليه السلام فوجده مضطجعا على قبر يبكى فقال يا بنى ما هذا البكاء قال أخبرتني أمي ان جبريل أخبرك ان بين الجنة والنار مفازة ذات لهب لا يطفىء حرها الا الدمع فقال زكريا ابك يا بنى ابك وعن كعب الأحبار انه قال ان العبد لا يبكى حتى يبعث الله اليه ملكا فيمسح كبده بجناحه فاذا فعل ذلك بكى وعن انس قال ثلاثة أعين لا تمسها النار عين فقئت فى سبيل الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله وعين دمعت من خشية الله وفى الحديث (لان ادمع دمعة من خشية الله أحب الى من ان تصدق بألف دينار) وفى التوراة يا ابن آدم إذا دمعت عيناك فلا تمسح الدموع بثوبك ولكن امسحها بكفك فانها رحمة قال العلماء البكاء على عشرة انواع. بكاء فرح. وبكاء حزن وبكاء رحمة. وبكاء خوف مما يحصل. وبكاء كذب كبكاء النائحة لانها تبكى لشجو غيرها وجاء (تخرج النائحة من قبرها يوم القيامة شعثاء غبراء عليها جلباب

<<  <  ج: ص:  >  >>