للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللطيفة والذي يرى كسقوط النجم فكدفع الشمس من موضع الى موضع وهذا لا يطلع عليه الحكماء وانما يعرفه اهل السلوك انتهى وقال الفلاسفة ان الشهب انما هى اجزاء نارية تحصل فى الجو عند ارتفاع الابخرة المتصاعدة واتصالها بالنار التي دون الفلك وقد سبق بيان هذا المقام مفصلا فى أوائل الصافات والحجر فلا نعيده والذي يلوح ان مذهب الفلاسفة قريب فى هذه المادة من مذهب اهل الحقائق ومر بيان مذهبهم فى الصافات والله اعلم بالخفيات وَأَعْتَدْنا لَهُمْ اى هيئنا للشياطين فى الآخرة بعد الإحراق فى الدنيا بالشهب ومنه العتاد اى العدة والاهبة عَذابَ السَّعِيرِ اى عذاب جهنم الموقدة المشعلة فالسعير فعيل بمعنى مفعول من سعرت النار إذا أوقدتها ولذلك لم يؤت بالتاء فى آخره مع انه اسم للدركة الرابعة من دركات النار السبع وهى جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية ولكن كل من هذه الأسماء يطلق على الآخر فيعبر عن النار تارة بالسعير وتارة بجهنم واخرى بآخر. واعلم ان فى كل دركة منها فرقة من فرق العصاة كعصاة اهل التوحيد والنصارى واليهود والصابئة والمجوس والمشركين والمنافقين ولم يذكروا الشياطين فى واحدة من الدركات السبع ولعلهم يقسمون على مراتب اضلالهم فيدخل كل قسم منهم مع قسم تبعه فى إضلاله فكان سببا لدخوله فى دركة من الدركات الست التحتانية جزاء لضلاله وإضلاله واذية لمن تبعه فيما دعا اليه بمصاحبته ومقارنته كما قال تعالى وترى المجرمين يومئذ مقرنين اى مع شياطينهم وفى الآية اشارة الى شياطين الخواطر النفسانية والهواجس الظلمانية وعذابها عذاب الرد والانقلاب بغلبة الخواطر الملكية والرحمانية وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ من الشياطين وغيرهم وكفرهم به اما بالتعطيل او بالإمساك وقال سعدى المفتى الأظهر حمله على الكفرة غير الشياطين كما يشعر به ما بعده ولئلا يلزم شبه التكرار عَذابُ جَهَنَّمَ اى الدركة النارية التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة يقال رجل جهم الوجه كالح منقبض وفيه اشارة الى ان عذابه تعالى وانتقامه خارج عن العادة لكونه ليس بسيف ولا سوط ولا عصا ونحوها بل بالنار الخارجة عن الانطفاء وليس للكافر المعذب من الخلاص رجاء وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى جهنم وقال بعضهم جهنم من الجهنام وهى بئر بعيدة القعر ففيه اشارة الى ان اهل النار مبعدون عن جمال الله تعالى وعن نعيم الجنة محرقون فى نار البعد والقطيعة نسأل الله العافية قال فى فتح الرحمن تضمنت هذه الآية ان عذاب جهنم للكافرين المخلدين وقد جاء فى الأثر انه يمر على جهنم زمن تخفق ابوابها قد أخلتها الشفاعة فالذى فى هذه الآية هى جهنم بأسرها اى جميع الطبقات والتي فى الأثر هى الطبقة العليا لانها مقر العصاة انتهى وهو مراد من قال من كبار المكاشفين يأتى زمان تبقى جهنم خالية عن أهلها وهم عصاة الموحدين ويأتى على جهنم زمان ينبت فى قعرها الجرجير وهى بقلة إِذا أُلْقُوا اى الذين كفروا اى فى جهنم وطرحوا كما يطرح الحطب فى النار العظيمة وفى إيراد الا لقاء دون الإدخال اشعار بتحقيرهم وكون جهنم سفلية سَمِعُوا لَها اى لجهنم نفسها

<<  <  ج: ص:  >  >>