للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنعوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى دين الله واتباع رسوله لانه طريق ثوابه والخلود فى جنته لمن سلكه على ما امر به واللام فى ليصدوا لام الصيرورة وهى لام العاقبة والمآل فَسَيُنْفِقُونَها بتمامها ولعل الاول اخبار عن انفاقهم وهو انفاق بدر والثاني اخبار عن انفاقهم فيما يستقبل هو انفاق أحد ويحتمل ان يراد بهما واحد بان يكون ينفقون للاستمرار التجددي ويكون السين فى قوله فسينفقونها للتأكيد لا للتسويف فيتحد الانفاقان الا ان مساق الاول لبيان غرضهم من الانفاق ومساق الثاني لبيان عاقبته ثُمَّ تَكُونُ تلك الأموال عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ندما وغما لفواتها من غير حصول المقصود ولما كانت عاقبة إنفاقها حسرة فى قلوبهم جعلت ذوات الأموال كأنها عين الحسرة للمبالغة قال الحدادي والحسرة مأخوذة من الكشف يقال حسر رأسه إذا كشفه والحاسر كاشف الرأس فيكون المعنى ثم يكشف لهم عن ذلك ما يكون حسرة عليهم ثُمَّ يُغْلَبُونَ آخر الأمر وان كانت الحرب بينهم سجالا قبل ذلك وَالَّذِينَ كَفَرُوا وأصروا على الكفر إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ اى يساقون لا الى غيرها لِيَمِيزَ اللَّهُ اللام متعلقة بيحشرون او يعلبون والميز بالفارسية [جدا كردن] الْخَبِيثَ فريق الكفار مِنَ الطَّيِّبِ فريق المؤمنين وَيَجْعَلَ الفريق الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً اى يجمعهم ويضم بعضهم الى بعض حتى يتراكموا ويتزاحموا فالركم ليس عبارة عن الجمع مطلقا بل هو الجمع بين أشياء بحيث يتراكب بعضها فوق بعض ومنه السحاب المركوم فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ كله أُولئِكَ الفريق الخبيث هُمُ الْخاسِرُونَ الكاملون فى الخسران لانهم خسروا أموالهم وأنفسهم والاشارة ان الله تعالى خلق الروح نورانيا علويا وخلق النفس ظلمانية سفلية ثم أشرك بينهما وجعل رأس مالهما الاستعداد الفطري القابل للترقى والكمال فى القربة والمعرفة والخسارة والنقصان فمن اتجر فآمن وجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله وطلبه وبلغ مبلغ الرجال البالغين فقد وبخ روحه ونفسه جميعا ومن آمن بالله ورسوله لكن وجد منه العصيان ومخالفة الشريعة فقد ربح روحه وخسر نفسه ومن لم يؤمن بالله ورسوله وكفر بهما فقد خسر روحه ونفسه جميعا قيل دخل على الشبلي قدس سره فى وقت وفاته وهو يقول يجوز يجوز فقيل له ما معنى قولك يجوز فقال خلق الله الروح والنفس وأشرك بين الروح والنفس فعملا واتجرا سنين كثيرة فحوسبا فاذا هما قد خسرا وليس معهما ربح فقد عزما على الافتراق وانا أقول شركة لا ريح فيها يجوز ان يقع بين الشريكين افتراق: قال السعدي

كوس رحلت بكوفت دست أجل ... اى دو چشمم وداع سر بكنيد

اى كف ودست وساعد وبازو ... همه توديع يكدكر بكنيد

بر من افتاده مرك دشمن كام ... آخر اى دوستان حذر بكنيد

روز كارم بشد بنادانى ... من نكردم شما حذر بكنيد

فعلى العاقل ان يجتهد قبل مجيىء الفوت ويربح فى تجارته ببذل النفس والمال والطيب من الأموال ما يبذل فى طلب الله على الطالبين والخبيث ما يلتفت اليه الطالب من غير حاجة ضرورية فيشغله عن الله وطلبه فيكون قاطع طريقه- ويروى- ان الله تعالى يضم الأموال

<<  <  ج: ص:  >  >>