فينبغى ان يجتهد الحاج قبل مفارقة رفيقه والجمال في ان يتحالوا من الظالم ان كانت جرت بينهم مثل غيبة ونميمة او أخذ عرض او تعرض لمال فما سلم من ذلك الا القيل وإذا ذكر رفيقه فليثن عليه خيرا وليغض عما سوى ذلك فقد كان السلف بعد قفولهم اى رجوعهم من السفر لا يذكر أحدهم صاحبه الا بخير وليحذر من نظفت صحيفة علمه من الذنوب بالغفران ان يرجع الى وسخ المعاصي ثم الاشارة ان قصد القاصدين الى الله تعالى انما يكون في أشهر معلومات من حياتهم الفانية في الدنيا فاما بعد انقضاء الآجال فلا يفيد لاحد السعى كما لا ينفع للحاج القصد بعد مضى أشهر الحج قال تعالى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها الآية وكما ان للحاج مواقيت معينة يحرمون منها فكذلك للقاصدين الى الله ميقات وهي ايام الشباب من بلاغية الصورة الى بلوغ الأربعين وهو حد بلاغية المعنى قال تعالى حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ولهذا قال المشايخ الصوفي بعد الأربعين نادر يعنى ان كان ظهور إرادته وطلبه يكون بعد الأربعين فوصوله الى المقصد الحقيقي يكون نادرا مع أركانه ولكن من يكون طلبه وصدقه في الارادة قبل الأربعين وما أمكنته الوصلة يقرب في الاحتمال ان يكون بعد الأربعين حصول مقصوده بان يبذل غاية مجهوده بشرائطه وحقوقه وحدوده ومن فاته أوان الطلب في عنفوان شبابه مستبعدة له الوصلة في حال مشيبه فجرى منه عليه الحيف بان ضيع اللبن في الصيف ولكن يصلح للعبادة التي آخرها الجنة ووقف بعض المشايخ على باب الجامع والخلق يخرجون منه في ازدحام وغلبة وكان ينظر إليهم ويقول هؤلاء حشو الجنة وللمجالسة أقوام آخرون كذا في التأويلات النجمية وقال القاشاني وقت الحج ازمنة وهو من وقت بلوغ الحلم الى الأربعين ثلاثة اعصر كل عصر بمثابة شهر. عصر من سن النمو. وعصر من سن الوقوف. وبعض من سن الكهولة كما قال تعالى في وصف البقرة لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك انتهى: قال الحافظ
عشق وشباب ورندى مجموعه مرادست ... چون جمع شد معانى گوى بيان توان زد
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ اى اثم من الجنوح وهو الميل عن القصد أَنْ تَبْتَغُوا اى في ان تقصدوا وتطلبوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ اى عطاء ورزقا منه يريد الربح بالتجارة في ايام الحج فان الآية نزلت ردا على من يقول لا حج للتاجر والجمال لكن الحق ان التجارة وان كانت مباحة في الحج الا ان الاولى تركها فيه لقوله تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ والإخلاص ان لا يكون له حامل على الفعل سوى كونه طاعة وعبادة فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ الهمزة في أفضتم للتعدية والمفعول محذوف اى دفعتم أنفسكم منها بكثرة بعد غروب الشمس ورجعتم بعد الوقوف بها وفي التيسير وحقيقة الافاضة هنا هو اجتماع الكثير في الذهاب والمسير.
وعرفات علم للموقف وليس بجمع حقيقة بل هو من قبيل ما زيدت حروفه لزيادة معناه فانه للمبالغة في الانباء عن المعرفة روى انه نعته جبريل لابراهيم عليهما السلام فلما أبصره عرفه فسمى ذلك الموضع عرفات او لان جبريل عليه الصلاة والسلام كان يدور به في المشاعر اى مواضع المناسك ويقول عرفت فيقول عرفت فلما رآه قال عرفت او لان آدم عليه الصلاة والسلام لما اهبط الى الأرض وقع بالهند وحواء بجدة فجعل كل واحد منهما يطلب صاحبه