للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحصيناه أحصاه وكتبناه كتابا او هو اى كتابا حال بمعنى مكتوبا فى اللوح وفى صحف الحفظة والجملة اعتراض لتوكيد كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات بانهما محفوظان للمجازاة قال القاشاني وكل شىء من صور أعمالهم وهيئات عقائدهم ضبطناه ضبطا بالكتابة عليهم فى صحائف نفوسهم وصحائف النفوس السماوية فَذُوقُوا پس بچشيد عذاب دوزخ فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً فوق عذابكم والفاء فى فذوقوا جزائيه دالة على ان الأمر بالذوق مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات ومعلل به فيكون وكل شىء إلخ جملة معترضة بين السبب ومسببه تؤكد كل واحد من الطرفين لانه كما يدل على كون معاصيهم مضبوطة مكتوبة يدل على ان ما يتفرع عليها من العذاب كائن لا محالة مقدر على حسب استحقاقهم به وفى الالتفات المنبئ عن التشديد فى التهديد وإيراد لن المفيدة لكون ترك الزيادة من قبيل ما لا يدخل تحت الصحة من الدلالة على تبالغ الغضب ما لا يخفى وقد روى عن النبي عليه السلام ان هذه الآية أشد ما فى القرآن على اهل النار اى لان فيها الإياس من الخروج فكلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه فتكون كل مرتبة منه متناهية فى الشدة وان كانت مراتبه غير متناهية بحسب العدد والمدة وهذا لا يخالف قوله تعالى ولا يكلمهم الله لان المراد بالمنفي التكلم باللطف والإكرام لا بالقهر والجلال فان قيل هذه الزيادة ان كانت غير مستحقة كانت ظلما وان كانت مستحقة كان تركها فى أول الأمر إحسانا والكريم لا يليق به الرجوع فى إحسانه فالجواب انها مستحقة ودوامها زيادة لثقل العذاب وايضا ترك المستحق فى بعض الأوقات لا يوجب الإبراء والاسقاط حتى يكون إيقاعه بعده رجوعا فى الإحسان وايضا كانوا يزيدون كفرهم وتكذيبهم واذيتهم للرسول عليه السلام وأصحابه رضى الله عنهم فيزيد الله عذابهم لزيادة الاستحقاق فلا ظلم فان قيل قوله فذوقوا إلخ تكرار لانه ذكر سابقا انهم لا يذوقون إلخ قلنا انه تكرار لزيادة المبالغة فى تقرير الدعوى وهو كون العقاب جزاء وفاقا إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً شروع فى بيان محاسن احوال المؤمنين اثر بيان سوء احوال الكفرة على ما هو العادة القرآنية ووجه تقديم بيان حالهم غنى عن البيان اى ان للذين يتقون الكفر وسائر القبائح من اعمال الكفرة فوزا وظفرا بمباغيهم دل على هذا المعنى تفسيره بما بعده بقوله حدائق إلخ او موضع فوز فالمفاز على الاول مصدر ميمى وعلى الثاني اسم مكان فان قيل الخلاص من الهلاك أهم من الظفر باللذات فلم أهمل الأهم وذكر غير الأهم قلنا لان الخلاص من الهلاك لا يستلزم الفوز بالنعيم لكونه حاصلا لاصحاب الأعراف مع انهم غير فائزين بالنعيم بخلاف الفوز بالنعيم فانه يستلزم الخلاص من هلاك فكان ذكره اولى حَدائِقَ وَأَعْناباً اى بساتين فيها انواع الأشجار المثمرة وكروما وهو تخصيص بعد التعميم لفضلها قوله حدائق بدل من مفازا بدل الاشتمال ان كان مصدرا ميميا لان الفوز يدل عليه دلالة التزامية او البعض ان جعل مكانا جمع حديقة وهى الروضة ذات الأشجار ويقال الحديقة كل بستان عليه حائط أي جدار وفيه من النخل والثمار وفى المفردات الحديقة قطعة من الأرض ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>