هو المقصود ومجرد القراءة لا يغنى شيأ ولا يجلب نفعا فطوبى لمن صاحب رفيق التوفيق لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ اى بالله قد أخذنا عهدهم بالتوحيد وسائر الشرائع والاحكام المكتوبة عليهم فى التوراة وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ذوى عدد كثير واولى شأن خطير ليذكروهم وليبينوا لهم امر دينهم كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ جواب شرط محذوف كأنه قيل فماذا فعلوا بالرسل فقيل كلما جاءهم رسول من أولئك الرسل بما يخالف هواهم من الشرائع ومشاق التكاليف عصوه وعادوه كأنه قيل كيف عصوهم فقيل فَرِيقاً كَذَّبُوا اى فريقا منهم كذبوهم من غير ان يتعرضوا لهم بشىء آخر من المضار وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ اى فريقا آخر منهم لم يكتفوا بتكذيبهم بل قتلوهم ايضا كزكريا ويحيى عليهما السلام وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ اى حسب بنوا إسرائيل وظنوا ان لا يصيبهم من الله تعالى بلاء وعذاب بقتل الأنبياء وتكذيبهم وجه حسبانهم انهم وان اعتقدوا فى أنفسهم انهم مخطئون فى ذلك التكذيب والقتل الا انهم كانوا يقولون نحن ابناؤه واحباؤه وكانوا يعتقدون ان نبوة أسلافهم وآبائهم تدفع عنهم العذاب الذي يستحقونه بسبب ذلك القتل والتكذيب فَعَمُوا عطف على حسبوا والفاء للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها اى آمنوا بأس الله تعالى فتمادوا فى فنون الغى والفساد وعموا عن الدين بعد ما هداهم الرسل الى المعاملة الظاهرة وبينوا لهم مناهجة الواضحة اى عملوا معاملة الأعمى الذي لا يبصر وَصَمُّوا عن استماع الحق الذي القوه عليهم اى عملوا معاملة الأصم الذي لا يسمع ولذلك فعلوا بهم ما فعلوا قال المولى ابو السعود وهذا اشارة الى المرة الاولى من مرتى إفساد بنى إسرائيل حين خالفوا احكام التوراة وركبوا المحارم وقتلوا شعيبا وقيل حبسوا ارمياء عليه السلام ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حين تابوا ورجعوا عما كانوا عليه من الفساد وبعد ما كانوا ببابل دهرا طويلا تحت قهر بخت نصر أسارى فى غاية الذل والمهانة فوجه الله عز وجل ملكا عظيما من ملوك فارس الى بيت المقدس ليعمره وينجى بقايا بنى إسرائيل من اسر بخت نصر بعد مهلكهم وردهم الى وطنهم وتراجع من تفرق منهم فى الأكناف فعمروه فى ثلاثين سنة فكثروا وكانوا كاحسن ما كانوا عليه ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا وهو اشارة الى المرة الاخرى من مرتى افسادهم وهو اجتراؤهم على قتل زكريا ويحيى وقصدهم قتل عيسى عليهم السلام كَثِيرٌ مِنْهُمْ بدل من الضمير فى الفعلين. قال الحدادي قوله كَثِيرٌ مِنْهُمْ يقتضى فى المرة الثانية انهم لم يكفروا كلهم وانما كفر أكثرهم كما قال تعالى لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ وقال تعالى مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ فيجازيهم وفق أعمالهم ومن اين لهم ذلك الحسبان الباطل ولقد وقع ذلك فى المرة الاولى حيث سلط الله عليهم بخت نصر فاستولى على بيت المقدس فقتل من اهله أربعين الفا ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية الى ارضه فبقوا هناك على أقصى ما يكون من الذل والنكد الى ان أحدثوا توبة صحيحة فردهم الله عز وعلا الى ما حكى عنهم من حسن الحال ثم عادوا الى المرة الاخرى من الإفساد فبعث الله عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف ففعل بهم ما فعل. قيل دخل