إِنْ تَرَكَ خَيْراً اى مالا قليلا او كثيرا او مالا كثيرا يقال فلان ذو مال ولا يطلق ذلك لمن له مال قليل وعن عائشة رضي الله عنها ان رجلا أراد ان يوصى قالت كم مالك قال ثلاثة آلاف قالت كم عيالك قال اربعة قالت انما قال الله ان ترك خيرا وان هذا الشيء يسير فاتركه لعيالك واصل الخيران يكون لكل ما يرغب فيه مما هو نافع لانه ضد الشر قال في اخوان الصفا الخير فعل ما ينبغى في الوقت الذي ينبغى من أجل ما ينبغى الْوَصِيَّةُ نائب فاعل كتب اى فرض الإيصاء لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ممن يرث وممن لا يرث بِالْمَعْرُوفِ نصب حالا اى بالعدل لا يزيد على الثلث ولا يوصى لغنى ويدع الفقير وكان السبب في نزول هذه الآية ان اهل الجاهلية كانوا يوصون بما لهم للبعدى رياء وسمعة وطلبا للفخر والشرف ويتركون الأقارب في الفقر والمسكنة فصرف الله تعالى بهذه الآية في بدء الإسلام ما كان يصرف الى الأبعدين الى الوالدين والأقربين فعمل بها ما كان العمل بها صلاحا وحكمة ثم نسختها آية المواريث في سورة النساء فالآن لا يجب على أحد ان يوصى لاحد قريب ولا بعيد وإذا اوصى فله ان يوصى لكل من الأقارب والا باعد الا للوارث حَقًّا اى أحق هذه الوصية حقا عَلَى الْمُتَّقِينَ المجتنبين عن ضياع المال وحرمان القريب يعنى ان كنتم متقين بالله لا تتركوا العمل بهذا قال ابن الشيخ في حواشيه فان قيل قوله على المتقين يقتضى ان يكون هذا التكليف مختصا بالمتقين وقد دل الإجماع على ان الواجبات والتكاليف عامة في حق المتقين وغيرهم أجيب بان المراد بقوله حقا على المتقين انه لازم لكل من آثر التقوى وتحراها وجعلها طريقا له ومذهبا فيدخل فيه الكل فَمَنْ بَدَّلَهُ الضمير راجع الى الوصية لكونها في تأويل الإيصاء اى غير الإيصاء عن وجهه الشرعي والمشهور ان من غير إيصاء المحتضر هو الوصي او الشاهد فالوصى يغير الوصية اما في الكتابة او في قسمة الحقوق والشاهد يغيرها اما بتغيير وجه الشهادة او بكتمها ويمكن ان يكون التبديل من سائر الناس بان منعوا من وصول المال الموصى به الى مستحقه فهؤلاء كلهم داخلون تحت قوله فمن بدله بَعْدَ ما سَمِعَهُ اى بعد ما وصل اليه وتحقق لديه فَإِنَّما إِثْمُهُ اى ما اثم الإيصاء المغير او اثم التبديل الا عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ لانهم خانوا وخالفوا الشرع لا على الموصى وهو الميت فانه بريئ من الإثم إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بالإيصاء وتغييره عَلِيمٌ بثوابه وجزاء من غيره وهو يجازى كل واحد منهما بما يستحقه فَمَنْ شرطية او موصولة خافَ اى توقع وعلم فانه إذا علم خاف فهو من اطلاق اسم اللازم على الملزوم مِنْ مُوصٍ اى من الذي اوصى وهو يجوز ان يتعلق بخاف على انها لابتداء الغاية او بمحذوف على انها حال من جنفا قدمت عليه لانها في الأصل صفة له فلما تقدمت نصبت حالا جَنَفاً اى ميلا عن الحق بالخطأ في الوصية أَوْ إِثْماً اى تعمدا للجنف يعنى إذا جهل الموصى موضع الوصية او زاد على مقدار الوصية او اوصى بما لا يجوز ايصاؤه فَأَصْلَحَ الظاهر ان المراد بالمصلح هو الوصي لانه أشد تعلقا بامر الوصية الا انه لا وجه لتخصيصه بالوصى بل ينبغى ان يدخل تحته كل من يتأتى منه رفع الفساد في وصية الميت من الوالي والولي والوصي ومن يأمر بالمعروف والمفتى والقاضي والوارث بَيْنَهُمْ اى بين الموصى لهم وهم الوالدان والأقربون فغير وصيته