للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفانين فى الله فيبقيهم بالله ليعبدوه على المشاهدة لان الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً من بذل الوجود صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً الصغيرة بذل وجود الصفات والكبيرة بذل وجود الذات فى صفات الله تعالى وذاته وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً من اودية الدنيا والآخرة والنفس والهوى والقلب والروح إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بقطع كل واحد من هذه الاودية قربة ومنزلة ودرجة كما قال (من تقرب الىّ شبرا تقربت اليه ذراعا) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ بالبقاء والفناء عن أنفسهم أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى احسن مقام كانوا يعملون العبودية فى طلبه لان طلبهم على قدر معرفتهم ومطمح نظرهم وجزاؤه يضيق عنه نطاق عقولهم وفهو مهم كما قال اعدت لعبادى الصالحين الحديث كما فى التأويلات النجمية وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً اللام لتأكيد النفي اى ما صح وما استقام لهم ان ينفروا اى يخرجوا جميعا لنحو غزو او طلب علم كما لا يستقيم لهم ان يتثبطوا جميعا فان ذلك مخل بامر المعاش فَلَوْلا نَفَرَ [پس چرا بيرون نرود] فلولا تحضيضية مثل هلا وحرف التحضيض إذا دخل على الماضي يفيد التوبيخ على ترك الفعل والتوبيخ انما يكون على ترك الواجب فعلم منه ان الفعل واجب وان قوله فلولا نفر معناه الأمر بالنفير وإيجابه مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ اى من كل جماعة كثيرة كقبيلة واهل بلدة جماعة قليلة ودلت الآية على الفرق بين الفرقة والطائفة بان الفرقة اكثر من الطائفة لان القياس ان ينتزع القليل من الكثير والطائفة تتناول الواحد فما فوقه لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ليتكلفوا الفقاهة فى الدين ويتجشموا مشاق تحصيلها والفقه معرفة أحكام الدين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ وليجعلوا غاية سعيهم ومعظم غرضهم من الفقاهة ارشاد القوم وإنذارهم وذكر الانذار دون التبشير لانه أهم والتخلية بالمعجمة اقدم من التحلية بالمهملة لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ارادة ان يحذر قومهم عما ينذرون منه وفى الآية دليل على ان التفقه والتذكير من فروض الكفاية وانه ينبغى ان يكون غرض المتعلم الاستقامة والاقامة لا الترفع على الناس بالتصدر والترؤس والتبسط فى البلاد بالملابس والمراكب والعبيد والإماء كما هو ديدن أبناء الزمان والله المستعان. فينبغى ان يطلب المتعلم رضى الله والدار الآخرة وازالة الجهل عن نفسه وعن سائر الجهال واحياء الدين وابقاء الإسلام فان بقاء الإسلام بالعلم ولا يصح الزهد والتقوى بالجهل

علم آمد دليل آگاهى ... جهل برهان نقص وگمراهى

پيش ارباب دانش وعرفان ... كى بود اين تمام وآن نقصان

وينبغى لطالب العلم ان ينوى به الشكر على نعمة العقل وصحة البدن وسلامة الحواس عملا بقوله تعالى وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وينبغى لطالب العلم ان يختار الأستاذ الأعلم والأورع والأسن بعد التأمل التام كما اختار ابو حنيفة رضى الله عنه حماد قال دخلت البصرة فظننت ان لا اسأل عن شىء الا أجبت عنه فسألونى عن أشياء لم يكن عندى جوابها فحلفت على نفسى ان لا أفارق حمادا فصحبته عشرين سنة وما صليت قط الا ودعوت لشيخى حماد مع والدي ففى

<<  <  ج: ص:  >  >>